للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَةٍ الْمَمْلُوكِ أَيْ: إِلَى أَيِّ حَاجَةٍ دَعَاهُ إِلَيْهَا قَرُبَ مَحَلُّهَا أَوْ بَعُدَ كَمَا سَبَقَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِجَابَةَ دَعْوَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَوْ سُمِّيَ عَبْدًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْتُوقُ أَوْ كَانَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْعَبْدِ مِنْ عِنْدِ سَيِّدِهِ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ إِجَابَتِهِ لِعَدَمِ مَأْتَى سَيِّدِهِ بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ أَكَابِرِ الزَّمَانِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْعُدُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ

أَيْ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَيَقُولُ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ، وَكَانَ يَعْتَقِلُ شَاتَهُ (وَكَانَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ) بِالتَّصْغِيرِ، وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ مَعَ أَنَّهُمْ أَعْدَاؤُهُ، وَكَانَ مَحْضَرًا عَظِيمًا (عَلَى حِمَارٍ مَخْطُومٍ) أَيْ ذَا خِطَامٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الزِّمَامُ (بِحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ) وَهُوَ الْخِطَامُ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ فِي طَرَفِهِ حَلْقَةً وَيَسْلُكَ فِيهَا طَرَفَهُ الْآخَرَ حَتَّى يَصِيرَ كَالْحَلْقَةِ ثُمَّ يُقَادُ بِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحِمَارِ (إِكَافٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّرْجِ لِلْفَرَسِ وَالرَّحْلِ لِلْبَعِيرِ (مِنْ لِيفٍ) وَفِي نُسْخَةٍ إِكَافُ لِيفٍ بِالْإِضَافَةِ.

(حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ) وَفِي نُسْخَةٍ رَسُولُ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدْعَى إِلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ وَالْإِهَالَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْأَدْهَانِ مِمَّا يُؤْتَدَمُ، وَقِيلَ مَا أُذِيبَ مِنَ الْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ، وَقِيلَ الدَّسَمُ الْجَامِدُ وَقَوْلُهُ (السَّنِخَةِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ النُّونِ فَالْخَاءُ الْمُعْجَمَةُ أَيِ الْمُتَغَيِّرَةِ الرِّيحِ مِنْ طُولِ الْمُكْثِ (فَيُجِيبُهُ وَلَقَدْ كَانَتْ لَهُ دِرْعٌ) زَادَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيدٍ أَيْ مَرْهُونَةٌ فِي ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَفِي عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَخَذَهُ لِأَهْلِهِ عَلَى مَا رَوَاهُ المص فِي الْجَامِعِ وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَّتِهِ، وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ أَخَذَ أَوَّلًا عِشْرِينَ ثُمَّ عَشَرَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقِيلَ لَعَلَّهُ كَانَ دُونَ الثَّلَاثِينَ فَجُبِرَ إِلَى الْكَسْرِ تَارَةً وَأُوفِيَ أُخْرَى، وَوَقَعَ لِابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قِيمَةَ الطَّعَامِ كَانَتْ دِينَارًا، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ عَنْهَا أَنَّ الْأَجَلَ سَنَةٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَانَ بِدُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ، وَذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ دِرْعَ الْحَدِيدِ مُؤَنَّثٌ وَدِرْعَ الْمَرْأَةِ مُذَكَّرٌ، كَذَا حَرَّرَهُ الْحَنَفِيُّ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ يَكُنِ الْمُؤَنَّثُ حَقِيقِيًّا وَقَدْ تَأَخَّرَ لَا سِيَّمَا مَعَ الْفَصْلِ جَازَ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ كَمَا قُرِئَ بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَأَمَّا وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي اللُّغَةِ أَنَّ دِرْعَ الْحَدِيدِ بِمَعْنَى اللَّأْمَةِ بِالْهَمْزَةِ، وَدِرْعَ الْمَرْأَةِ بِمَعْنَى الْقَمِيصِ، مَعَ أَنَّ دِرْعَ الْحَدِيدِ قَدْ يُذَكَّرُ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>