للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لنا قَوْله تَعَالَى {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدَّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون} فَأوجب الحذر مِمَّا تنذر بِهِ الطَّائِفَة

فَإِن قيل وجوب الْإِنْذَار لَا يدل على وجوب الرُّجُوع إِلَى قَول الْمُنْذر وَحده بل يجوز أَن يفْتَقر الرُّجُوع إِلَى آخر كَمَا يجب على الشَّاهِد أَن يشْهد بِمَا عِنْده ثمَّ لَا يجب الْعَمَل بقوله حَتَّى يشْهد مَعَه غَيره

قيل قد أوجب الْإِنْذَار وَأوجب الحذر من الْمُخَالفَة وَهَذَا يَقْتَضِي وجوب الحذر بِمُجَرَّد الْإِنْذَار

فَإِن قيل الحذر هُوَ أَن ينظر وَيعْمل بِمَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيل لَا أَن يعْمل بِمَا أخبر بِهِ

قيل إِذا تعلق الْوَعيد بترك أَمر فالحذر عَن مُخَالفَته هُوَ أَن يفعل ذَلِك الشَّيْء فَأَما إِذا لم يفعل فَلم يحذر فَلم يكن ممتثلا لما اقْتَضَاهُ الظَّاهِر

وَأَيْضًا قَوْله تَعَالَى {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} فَدلَّ على أَنه إِذا جَاءَهُ عدل لم يتَبَيَّن فِي خَبره

وَأَيْضًا فَإِن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ بعث أَصْحَابه إِلَى الْبلدَانِ أُمَرَاء وعمالا وقضاة وَاحِدًا وَاحِدًا وَلَو لم يجز الْعَمَل بِخَبَر كل وَاحِد مِنْهُم لما بَعثهمْ آحادا

فَإِن قيل يجوز أَن يكون قد بَعثهمْ إِلَى قوم فِي أَحْكَام علموها بالتواتر قبل بعثة الرَّسُول كَمَا علمُوا فِي قَوْلكُم وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد قبل بعث الرُّسُل

قيل لَو كَانَ نقل إِلَيْهِم فِي ذَلِك تَوَاتر لنقل إِلَيْنَا وعلمناه كَمَا علمنَا كل مَا تَوَاتر بِهِ الْخَبَر وَأما وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد فقد علموه بِمَا تَوَاتر بِهِ الْخَبَر من بعثة الرُّسُل إِلَى كل جِهَة

<<  <   >  >>