للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَإِن الصَّحَابَة رجعت فِي التقاء الختانين إِلَى حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَحدهَا

وَلِأَنَّهُ خبر عَن حكم شَرْعِي فَلم يعْتَبر فِيهِ الْعدَد كالفتوى وَلِأَن مَالا يشْتَرط فِي الْفَتْوَى لَا يشْتَرط فِي قبُول الْخَبَر كالحرية والذكورة

وَلِأَنَّهُ خبر لَا تشْتَرط فِيهِ الْحُرِّيَّة فَلَا يعْتَبر فِيهِ لاعدد كالخبر فِي الْأذن فِي دُخُول الدَّار وَقبُول الْهَدِيَّة

وَلِأَنَّهُ طَرِيق لإِثْبَات الحكم فَلَا يشْتَرط فِيهِ الْعدَد دَلِيله الْأُصُول الَّتِي يُقَاس عَلَيْهَا

ولأنا لَو اعْتبرنَا رِوَايَة اثْنَيْنِ عَن اثْنَيْنِ إِلَى أَن يتَّصل بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لشق ذَلِك فَوَجَبَ أَنِّي سقط اعْتِبَاره

وَاحْتَجُّوا بِأَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ لم يعْمل بِخَبَر الْمُغيرَة فِي مِيرَاث الْجدّة حَتَّى شهد عِنْده مُحَمَّد بن مسلمة وَعمر لم يعْمل بِخَبَر أبي مُوسَى فِي الاسْتِئْذَان حَتَّى شهد مَعَه أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ فَدلَّ على أَنه لَا بُد من الْعدَد

وَالْجَوَاب هُوَ أَنه يجوز أَن يَكُونَا طلبا الزِّيَادَة احْتِيَاطًا وَلِهَذَا رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ لَا أتهمك وَلَكِنِّي أردْت أَن لَا يجترىء أحد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ أَنا روينَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ الرُّجُوع إِلَى خبر الْوَاحِد فَدلَّ على أَن التَّوَقُّف كَانَ لما ذَكرْنَاهُ

قَالُوا وَلِأَنَّهُ خبر شَرط فِيهِ الْعَدَالَة فَاعْتبر فِيهِ الْعدَد أَصله الشَّهَادَات

قُلْنَا هَذَا يبطل بالفتوى فَإِنَّهُ يعْتَبر فِيهِ الْعَدَالَة وَلَا يعْتَبر فِيهِ الْعدَد

على أَنه لَو كَانَ بِمَنْزِلَة الشَّهَادَات لوَجَبَ أَن لَا يقبل من العبيد وَالنِّسَاء فِي الْحُدُود ولوجب أَن يخْتَلف عدده باخْتلَاف الْأَحْكَام كَمَا اخْتلفت الشَّهَادَات باخْتلَاف الْحُقُوق وَلما قبل ذَلِك من العبيد وَالنِّسَاء وَلم يخْتَلف باخْتلَاف الْأَحْكَام دلّ على أَنه بِمَنْزِلَة الْفَتْوَى

<<  <   >  >>