للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَنْ تَسَتَّرَ وَاخْتَفَى فَلَا يَتَجَسَّسُ عَلَيْهِ. وَيَأْتِي فِي كَلَامِ النَّاظِمِ، وَتُذْكَرُ أَحْكَامُ ذَلِكَ ثَمَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَا يُنْكَرُ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا تَأْدِيبًا لَهُ وَزَجْرًا. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْمُنْكَرُ أَعَمُّ مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَحْذُورُ الْوُقُوعِ فِي الشَّرْعِ، فَمَنْ رَأَى صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرِيقَ خَمْرَهُ وَيَمْنَعَهُ، وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الزِّنَا. انْتَهَى.

قَالَ الْمَرُّوذِيُّ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: فَالطُّنْبُورُ الصَّغِيرُ يَكُونُ مَعَ الصَّبِيِّ؟ قَالَ يُكْرَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ مَكْشُوفًا فَاكْسِرْهُ.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعَ زَمَّارَةَ رَاعٍ وَسَدَّ أُذُنَيْهِ» قَالَ: لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّفِيقَ كَانَ بَالِغًا فَلَعَلَّهُ كَانَ صَغِيرًا دُونَ الْبُلُوغِ، وَالصِّبْيَانُ رُخِّصَ لَهُمْ فِي اللَّعِبِ مَا لَمْ يُرَخَّصْ فِيهِ لِبَالِغٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

قَالَ فِي الْآدَابِ: وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ سَمَاعَ الْمُحَرَّمِ بِدُونِ اسْتِمَاعِهِ وَهُوَ قَصْدُ السَّمَاعِ لَا يَحْرُمُ. وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا وَزَادَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ وَإِنَّمَا سَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُذُنَيْهِ مُبَالَغَةً فِي التَّحَفُّظِ، فَسَنَّ بِذَلِكَ أَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ السَّمَاعِ.

وَإِلَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَشَارَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ:

مَطْلَبٌ: فِي الْإِنْكَارِ عَلَى الصِّبْيَانِ لِتَأْدِيبِهِمْ:

وَأَنْكِرْ عَلَى الصِّبْيَانِ كُلَّ مُحَرَّمٍ ... لِتَأْدِيبِهِمْ وَالْعِلْمِ فِي الشَّرْعِ لَرَدِي

(وَأَنْكِرْ) أَيُّهَا الْمُكَلَّفُ الْمُتَّبِعُ الْأَوَامِرَ الشَّرْعِيَّةَ، الْعَالِمُ بِأَحْكَامِهَا الْفَرْعِيَّةِ.

(عَلَى الصِّبْيَانِ) جَمْعُ صَبِيٍّ هُوَ الصَّغِيرُ أَعْنِي الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ التَّكْلِيفِ، هَذَا مُرَادُهُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الصَّبِيُّ مَنْ لَمْ يُفْطَمْ. وَقَالَ فِي كِتَابِ كِفَايَةِ الْمُتَحَفِّظِ: الْوَلَدُ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَهُوَ جَنِينٌ فَإِذَا وُلِدَ يُسَمَّى صَبِيًّا، فَإِذَا فُطِمَ يُسَمَّى غُلَامًا إلَى سَبْعِ سِنِينَ، ثُمَّ يَصِيرُ يَافِعًا إلَى عَشْرٍ، ثُمَّ حُزُورًا إلَى خَمْسَةَ عَشْرَ، ثُمَّ يَصِيرُ قَمْدًا إلَى آخِرِ كَلَامِهِ. فَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>