للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩] انْتَهَى.

فَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هُدَاةٌ مَهْدِيُّونَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْت أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَتْ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ» وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَرْفُوعًا «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَسَانِيدُهُ ضَعِيفَةٌ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» وَالنَّصِيفُ أَحَدُ اللُّغَاتِ الْأَرْبَعِ فِي النِّصْفِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ نِصْفٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا وَنَصِيفٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَزِيَادَةِ الْيَاءِ وَالْمَعْنَى لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ ثَوَابُهُ فِي ذَلِكَ نَفَقَةَ أَصْحَابِي مُدًّا وَلَا نِصْفَ مَدٍّ لِأَنَّ إنْفَاقَهُمْ كَانَ فِي نُصْرَتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِمَايَتِهِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ بَعْدَهُ، فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ أَفْضَلِيَّتَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ مُطْلَقًا، وَأَنَّ فَضِيلَةَ نَفَقَتِهِمْ عَلَى نَفَقَةِ غَيْرِهِمْ بِاعْتِبَارِ فَضِيلَةِ ذَوَاتِهِمْ، وَفَضْلُ الصَّحَابَةِ مَشْهُورٌ، وَسَعْيُهُمْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَذْلُهُمْ أَنْفُسَهُمْ النَّفِيسَةَ مَأْثُورٌ، وَصِدْقُهُمْ وَمُوَاسَاتُهُمْ وَحُسْنُ صُحْبَتِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشْكُورٌ.

مَطْلَبٌ: عَدَدُ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ.

(فَائِدَةٌ) : ذَكَرَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ شَيْخُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُونَ عَلَى الْمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ الزَّهْرِ الْبَسَّامِ: هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ فِي ذَيْلِهِ كِتَابَ الصَّحَابَةِ. وَرَوَى أَنَّهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعَ مِنْهُ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْبِرْمَاوِيُّ. قُلْت: جَزَمَ بِهَذَا الْعَدَدِ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى.

وَأَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْمَنِينِيُّ فِي نَظْمِهَا بِقَوْلِهِ:

وَصَحْبُهُ أَفْضَلُ خَلْقِ اللَّهِ ... بَعْدَ النَّبِيِّينَ بِلَا اشْتِبَاهِ

هُمْ كَالنُّجُومِ كُلُّهُمْ مُجْتَهِدُ ... يَا وَيْلَ أَقْوَامٍ بِهِمْ لَمْ يَهْتَدُوا

وَالْفَضْلُ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَرَاتِبُ ... وَعَدُّهُمْ لِلْأَنْبِيَا يُقَارِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>