للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا أَوْشَكَ أَيْ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ صَاحِبُكُمْ إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ، وَإِنْ قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ» .

وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فِي دُخُولِهِ أَعَادَهُ فِي خُرُوجِهِ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَالدُّخُولُ آكَدُ اسْتِحْبَابًا.

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «إذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ» .

مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ تَسْلِيمِ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ

(وَسَلِّمْ) اسْتِحْبَابًا (إذَا مَا جِئْت) أَيْ: زَمَانَ مَجِيئِك (بَيْتَك) عَلَى أَهْلِهِ (تَهْتَدِ) لِمُتَابَعَةِ السُّنَّةِ الْغَرَّاءِ، وَفِعْلِك الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَأَحْرَى.

أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا بُنَيَّ إذَا دَخَلْت عَلَى أَهْلِك فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ تَكُونُ بَرَكَةً عَلَيْك وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِك» .

وَقَوْلُ النَّاظِمِ بَيْتَك مُجَارَاةٌ لِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَبَيْتُ غَيْرِهِ كَبَيْتِهِ، فَيُسَنُّ أَنْ يُسَلِّمَ إنْ دَخَلَ بَيْتَهُ أَوْ بَيْتًا مَسْكُونًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النور: ٦١] .

وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَلَجَ أَحَدُكُمْ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَشَمِلَ إطْلَاقُ قَوْلِ النَّاظِمِ (وَسَلِّمْ إذَا مَا جِئْت بَيْتَك) مَا إذَا كَانَ بَيْتُهُ خَالِيًا وَهُوَ مُرَادٌ.

قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَمَنْ دَخَلَ بَيْتًا خَالِيًا سَلَّمَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمَلَائِكَةِ وَرَدَّ هُوَ السَّلَامَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي الرِّعَايَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَرُدُّ السَّلَامَ عَلَى نَفْسِهِ.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ وَيُعَايَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسَلِّمَ هُوَ يَرُدُّ السَّلَامَ.

وَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَخْرِيجٌ فِيمَنْ عَطَسَ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ أَنَّهُ يَرُدَّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>