للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلطَّيْرِ أَنْ يَنْتِفَ رِيشَهُ وَيُشَمِّسَهُ. وَقِيلَ يُطْلَى بِالْقَطِرَانِ وَيُشَمَّسُ. وَقِيلَ أَنْ يُلْقَى لِلنَّمْلِ يَأْكُلُهُ. وَقِيلَ إيدَاعُهُ الْقَفَصَ. وَقِيلَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إلْفَهُ. وَقِيلَ لَزِمَتْهُ صُحْبَةُ الْأَضْدَادِ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَضْيَقَ السِّجْنِ مُعَاشَرَةُ الْأَضْدَادِ. وَقِيلَ لَزِمَتْهُ خِدْمَةُ أَقْرَانِهِ.

قَالَ عِكْرِمَةُ: إنَّمَا صَرَفَ سُلَيْمَانُ عَنْ ذَبَحَ الْهُدْهُدِ أَنَّهُ كَانَ بَارًّا بِوَالِدِيهِ يَنْقُلُ الطَّعَامَ إلَيْهِمَا فَيَزُقُّهُمَا. ذَكَرَهُ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ. وَفِي الْكَامِلِ وَشُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ أَنَّ نَافِعًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ سُلَيْمَانُ مَعَ مَا خَوَّلَهُ اللَّهُ مِنْ الْمُلْكِ وَأَعْطَاهُ كَيْفَ عَنَى بِالْهُدْهُدِ مَعَ صِغَرِهِ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّهُ احْتَاجَ إلَى الْمَاءِ، وَالْهُدْهُدُ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ كَالزُّجَاجِ فَقَالَ ابْنُ الْأَزْرَقِ لِابْنِ عَبَّاسٍ قِفْ يَا وَقَّافُ كَيْفَ يُبْصِرُ الْمَاءَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ وَلَا يَرَى الْفَخَّ إذَا غُطِّيَ لَهُ بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ مِنْ تُرَابٍ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إذَا نَزَلَ الْقَضَاءُ عَمِيَ الْبَصَرُ. وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ لِأَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

إذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْرًا بِامْرِئٍ ... وَكَانَ ذَا رَأْيٍ وَعَقْلٍ وَبَصَرْ

وَحِيلَةٍ يَفْعَلُهَا فِي دَفْعِ مَا ... يَأْتِي بِهِ مَحْتُومُ أَسْبَابِ الْقَدَرْ

غَطَّى عَلَيْهِ سَمْعَهُ وَعَقْلَهُ ... وَسَلَّ مِنْهُ ذِهْنَهُ سَلَّ الشَّعَرْ

حَتَّى إذَا أَنْفَذَ فِيهِ حُكْمَهُ ... رَدَّ عَلَيْهِ عَقْلَهُ لِيَعْتَبِرْ

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كَفَّارَةُ الْكَبَائِرِ

(فَوَائِدُ) :

(الْأُولَى) : قَالَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كَفَّارَةُ الْكَبَائِرِ. وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَكْحُولٍ. قُلْت وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ فَقَالَ إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ هَلْ لَك مِنْ أُمٍّ» وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ «هَلْ لَك وَالِدَانِ؟ قَالَ لَا. قَالَ فَهَلْ لَك مِنْ خَالَةٍ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَبِرَّهَا» . .

(الثَّانِيَةُ) : رَأَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلًا يَمْشِي خَلْفَ رَجُلٍ فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>