للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَطْلَبٌ: فِي حُكْم جَزِّ ذَيْلِ الْخَيْلِ

(وَفِي) الْقَوْلِ (الْأَشْهَرِ) مِنْ غَيْرِهِ (اكْرَهْ) أَيْ اعْتَقِدْ كَرَاهَةَ (جَزِّ) أَيْ قَطْعِ شَعْرِ (ذَيْلٍ) أَيْ ذَنَبٍ (مُمَدَّدٍ) أَيْ طَوِيلٍ يُقَالُ: جَزَّ الشَّعْرَ جَزًّا وَجَزَّهُ فَهُوَ مَجْزُوزٌ وَجَزِيزٌ أَيْ قَطَعَهُ كَاجْتَزَّهُ. وَأَشْعَرَ نِظَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلٍ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى، وَهَلْ يُكْرَهُ جَزُّ ذَنَبِهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ: نَقَلَ مُهَنَّا الْكَرَاهَةَ، ذَكَرَهَا صَاحِبُ النَّظْمِ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ قَالَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ: إنَّمَا رُخِّصَ فِي جَزِّ الْأَذْنَابِ، فَأَمَّا الْأَعْرَافُ فَلَا، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ.

قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي آدَابِهِ: وَهِيَ مُتَّجِهَةٌ، وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ حَذْفِ الْخَيْلِ فَقَالَ: إنْ كَانَ أَبْهَى وَأَجْوَدَ لَهُ قُلْت: إنَّهُ يَنْفَعُهُ فِي الشِّتَاءِ، وَهُوَ أَجْوَدُ لِرَكْضِهِ فَكَأَنَّهُ سَهَّلَ فِيهِ، وَقَالَ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَكْرَهُونَ حَذْفَ الْخَيْلِ وَنَتْفَ أَذْنَابِهَا وَجَزَّ نَوَاصِيهَا. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: حَذَفَهُ يَحْذِفُهُ أَسْقَطَهُ وَمِنْ شَعْرِهِ أَخَذَهُ وَحَذَّفَهُ تَحْذِيفًا هَيَّأَهُ وَصَنَعَهُ، فَالْمُرَادُ هُنَا بِحَذْفِ الْخَيْلِ أَخْذُ شَعْرِهَا. .

مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ جَزُّ أَعْرَافِ الْخَيْلِ

كَمَعْرَفَةٍ حَتْمًا لِإِضْرَارِهَا بِهِ ... لِقَطْعِك مَا تَدْرَأُ بِهِ لِلْمُنَكِّدِ

(كَ) مَا يُكْرَهُ جَزُّ شَعْرِ (مَعْرَفَةٍ) كَمَرْحَلَةٍ مَوْضِعُ الْعَرْفِ مِنْ الْفَرَسِ، وَهُوَ شَعْرُ عُنُقِهَا وَتُضَمُّ رَاؤُهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ جَزُّ شَعْرِ الْمَعْرَفَةِ أَصْلًا وَقَاسَ جَزَّ الذَّيْلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَخَّصَ فِي جَزِّ الذَّنَبِ فِي رِوَايَةٍ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي جَزِّ الْمَعْرَفَةِ قَالَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ: إنَّمَا رُخِّصَ فِي جَزِّ الْأَذْنَابِ، فَأَمَّا الْأَعْرَافُ فَلَا.

وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ السُّلَمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ جَزِّ أَعْرَافِ الْخَيْلِ وَنَتْفِ أَذْنَابِهَا وَجَزِّ نَوَاصِيهَا، وَقَالَ: أَمَّا أَذْنَابُهَا، فَإِنَّهَا مَذَابُّهَا، وَأَمَّا أَعْرَافُهَا، فَإِنَّهَا أَدِفَاؤُهَا، وَأَمَّا نَوَاصِيهَا، فَإِنَّ الْخَيْرَ مَعْقُودٌ فِيهَا» .

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ نَصْرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَنْ عُتْبَةَ فَذَكَرَهُ. وَقَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>