للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنَّهْيِ غَيْرُ نَاهِضٍ يُعَضِّدُهُ عَدَمُ الْقَائِلِ بِالْخُصُوصِيَّةِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ، وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِي اقْتِنَائِهَا الثَّوَابُ الْجَزِيلُ، وَلَحْمُهَا مَأْكُولٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، فَالْعُدُولُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْمَنَافِعِ، وَالْفَضَائِلِ مَعَ عَدَمِ التَّنَاسُلِ وَالنَّمَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا كَرَاهَةَ فِي إنْزَاءِ الْخَيْلِ عَلَى الْحُمُرِ وَعَكْسِهِ.

وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَقَالَ عَنْ إنْزَاءِ الْخَيْلِ عَلَى الْحُمُرِ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ مُتَأَوِّلٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ صِيَانَةُ الْخَيْلِ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ عَلَى إبَاحَةِ إيجَادِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَمِنْ الْمُتَوَاتِرِ «رُكُوبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَغْلَةً وَاقْتِنَاؤُهَا» ، فَدَلَّ عَلَى إبَاحَةِ السَّبَبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَائِدَةٌ) : أَوَّلُ مَنْ أَنْتَجَ الْبِغَالَ قَارُونُ وَقِيلَ أَفْرِيدُونُ قَالَ عَلِيٌّ دَدَهْ فِي أَوَائِلِهِ، وَهُوَ أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِي قَتْلِ مَا انْطَوَى عَلَى ضَرَرٍ بِلَا نَفْعٍ كَنَمِرٍ وَنَحْوِهِ

وَيَحْسُنُ فِي الْإِحْرَامِ، وَالْحِلِّ قَتْلُ مَا ... يَضُرُّ بِلَا نَفْعٍ كَنَمِرٍ وَمَرْثَدِ

(وَيَحْسُنُ) يَحِلُّ لِلشَّخْصِ حَتَّى (فِي) حَالِ (الْإِحْرَامِ) بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ؛ وَلِذَا قَالَ (وَالْحِلِّ) فَيُحْتَمَلُ إرَادَةُ الْحِلِّ الَّذِي يُقَابِلُ الْحَرَمَ أَوْ إرَادَةُ صِفَةِ الْقَاتِلِ أَيْ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (قَتْلُ) أَيْ إزْهَاقُ رُوحٍ (مَا) أَيْ حَيَوَانٍ (يَضُرُّ) بِنَحْوِ افْتِرَاسِهِ فَهُوَ مُشْتَمِلٌ وَمُنْطَوٍ عَلَى ضَرَرٍ (بِلَا نَفْعٍ) .

وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ كُلَّ مَا يُؤْذِي طَبْعًا، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ شَرْعًا، نَعَمْ، يُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُ لِلْمُحْرِمِ، وَفِي الْحَرَمِ تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قَالَ الشَّيْخُ يَعْنِي الْمُوَفَّقَ: وَيَفْدِي مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ تَغْلِيبًا لِتَحْرِيمِ قَتْلِهِ، كَمَا غَلَّبُوا تَحْرِيمَ أَكْلِهِ. انْتَهَى.

وَذَلِكَ كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الضَّبُعِ وَالذِّئْبِ، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ؛ وَلِعَدَمِ اسْتِيعَابِهِ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ أَدْخَلَ عَلَيْهِ كَافَ التَّشْبِيهِ فَقَالَ (كَنَمِرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا كَنَظَائِرِهِ كَمَا فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ.

هُوَ ضَرْبٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>