للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَخَرَّجُ مِنْ هَذَا جَوَازُ إحْرَاقِ الزَّنَابِيرِ إذَا حَلَّ بِهَا ضَرَرٌ شَدِيدٌ وَلَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِهِ انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِهِ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتِيَارُ الْحُرْمَةِ، ثُمَّ زَوَالُهَا لِلْحَاجَةِ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ إحْرَاقَ نَحْوِ النَّمْلِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ وَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّهُ مَكْرُوهٌ عَلِمْت زَوَالَ الْكَرَاهَةِ لِلْحَاجَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي اسْمِ نَمْلَةِ سُلَيْمَانَ وَبَيَانِ فِطْنَتِهَا وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُهَا مِنْ الْبَلَاغَةِ.

(فَوَائِدُ: الْأُولَى) اسْمُ النَّمْلَةِ الَّتِي قَالَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل: ١٨] صطاخية قَالَهُ الضَّحَّاكُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ اسْمُهَا خَرْمَى، فَإِنَّ قِيلَ: كَيْف يُتَصَوَّرُ الْحَطْمُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَجُنُودِهِ وَهُمْ عَلَى الْبِسَاطِ، وَالرِّيحُ تَحْمِلُهُمْ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قَبْلَ تَسْخِيرِ الرِّيحِ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ بَعْدَهُ وَيَكُونُ بَعْضُ جُنْدِهِ رَاكِبًا تُطْوَى لَهُمْ الْأَرْضُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ نَزَلُوا عَنْ الْبِسَاطِ لِقَصْدِ الْفُرْجَةِ وَالتَّبَيُّنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِيَةُ) : قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ: وَيَكْفِي مِنْ فِطْنَتِهَا يَعْنِي النَّمْلَةَ مَا قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهَا لِجَمَاعَةِ النَّمْلِ، وَقَدْ رَأَتْ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَجُنُودَهُ {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل: ١٨] فَتَكَلَّمَتْ بِعَشَرَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْخِطَابِ فِي هَذِهِ النَّصِيحَةِ: النِّدَاءُ، وَالتَّنْبِيهُ وَالتَّسْمِيَةُ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَالتَّحْذِيرُ، وَالتَّخْصِيصُ، وَالتَّعْمِيمُ، وَالِاعْتِذَارُ.

فَاشْتَمَلَتْ نَصِيحَتُهَا مَعَ الِاخْتِصَارِ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْعَشَرَةِ، وَلِذَلِكَ أَعْجَبَ سُلَيْمَانَ قَوْلُهَا وَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْهُ وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُوزِعَهُ شُكْرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ لَمَّا سَمِعَ كَلَامَهَا. قَالَ: وَلَا تُسْتَبْعَدُ هَذِهِ الْفِطْنَةُ مِنْ أُمَّةٍ مِنْ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهَا، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ الَّذِي نَزَلَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِيمَا يُقَالُ لِإِخْرَاجِ النَّمْلِ.

(الثَّالِثَةُ) : ذَكَرَ الْخَلَّالُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْإِمَامِ عَنْ وَالِدِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَوَّازِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَبِيبَةُ مَوْلَاةُ الْأَحْنَفِ أَنَّهَا رَأَتْ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ وَرَآهَا تَقْتُلُ نَمْلَةً فَقَالَ: لَا تَقْتُلِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>