للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَرَاهَةِ الْقَتْلِ فَتَصِيرُ الْأَقْوَالُ ثَلَاثَةً. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَمَضَرَّةٌ مِنْ وَجْهٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: التَّخْيِيرُ وَتَرْكُهُ، وَالْكَرَاهَةُ كَالْبَازِي وَالصَّقْرِ وَالشَّاهَيْنِ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مَمْلُوكًا فَيَحْرُمُ قَتْلُهُ إلَّا إذَا عَدَّى عَلَى مَعْصُومٍ، أَوْ آدَمِيٍّ، أَوْ مَالٍ، وَهُوَ مُرَادُ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ تُؤْذِ) هَذِهِ الْكَوَاسِرُ الْمَذْكُورَةُ مَعْصُومًا مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ (فَاقْدُدْ) أَيْ اُقْتُلْ.

وَحَاصِلُ كَلَامِ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّك مُخَيَّرٌ فِيهَا أَوَّلًا بَيْنَ إتْلَافِهَا وَتَخْلِيَتِهَا إلَّا إذَا مُلِكَتْ فَيَحْرُمُ إتْلَافُهَا إلَّا إذَا عَدَتْ عَلَى مَعْصُومٍ مِنْ مَالٍ، أَوْ آدَمِيٍّ فَيَحِلُّ قَتْلُهَا، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِالْمِلْكِ مِلْكُ الْمُسْلِمِ، أَوْ الْمُسْتَأْمَنِ لَا الْحَرْبِيِّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي حِلِّ النَّظْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ بَيْعِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَجَوَارِحِ الطَّيْرِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) :

(الْأَوَّلُ) : يَجُوزُ بَيْعُ سِبَاعِ بَهَائِمِ وَجَوَارِحِ طَيْرٍ يَصْلُحَانِ لِصَيْدٍ إذَا كَانَتْ مُعَلَّمَةً، أَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَكِنْ تَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَوَلَدِهِ وَفَرْخِهِ وَبِيضِهِ لِاسْتِفْرَاخِهِ لَا بَيْعُ كَلْبٍ، وَلَوْ مُبَاحَ الِاقْتِنَاءِ، وَمَنْ قَتَلَهُ، وَهُوَ مُعَلَّمٌ أَسَاءَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ لَا يُمْلَكُ، وَأَمَّا إذَا أَتْلَفَ نَحْوَ الْبَاشَقِ، وَالْبَازِي، وَالْفَهْدِ، فَإِنَّهُ يَغْرَمَ قِيمَتَهُ لِإِبَاحَةِ اقْتِنَائِهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَوْ ضَرُورَةٍ، وَأَمَّا الْكَلْبُ فَلَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

وَالْقَاعِدَةُ حِلُّ بَيْعِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَخَرَجَ بِقَيْدِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَصْلًا كَالْحَشَرَاتِ وَبِمُبَاحَةٍ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالْخَمْرِ، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِلْحَاجَةِ كَالْكَلْبِ، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ تُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَالْمَيْتَةِ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ، وَالْخَمْرِ لِدَفْعِ مَا غَصَّ بِهِ.

(الثَّانِي) : مَنْ مَنَعَ جَوَازَ بَيْعِ الْهِرِّ مِنْ الْأَصْحَابِ مِمَّنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ مَنَعَ جَوَازَ بَيْعِ الْبَاشَقِ، وَالْفَهْدِ وَنَحْوِهِمَا إلَّا صَاحِبَ الْهَدْيِ، وَالْفَائِقِ وَالْحَافِظَ بْنَ رَجَبٍ وَشَيْخَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُمْ اخْتَارُوا عَدَمَ الْجَوَازِ فِي الْهِرِّ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِهِ. وَهُنَا اخْتَارُوا الْجَوَازَ لِوُجُودِ مُقْتَضَى الْبَيْعِ وَخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>