للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخْرَجَ) أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ فَلَمْ يُسَمِّ اللَّهَ حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ طَعَامِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ حَتَّى سَمَّى فَمَا بَقِيَ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ حَتَّى قَاءَهُ» قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: تَجِبُ التَّسْمِيَةُ هُنَا وَذَكَرَ وُجُوبَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى.

وَحَكَى ابْنُ الْبَنَّا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ قَالَ: فِي الْأَكْلِ أَرْبَعَةٌ فَرِيضَةٌ: أَكْلُ الْحَلَالِ، وَالرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الطَّعَامِ، وَالشُّكْرُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْبَنَّا: وَتَحْقِيقُ الْفِقْهِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الْأَكْلِ، وَالْحَمْدَ كِلَاهُمَا مَسْنُونَانِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: التَّسْمِيَةُ هُنَا مُجْمَعٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا يَعْنِي فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. مَطْلَبٌ: يَنْبَغِي لِلْآكِلِ أَنْ يَجْهَرَ بِالْبَسْمَلَةِ لِيُنَبِّهَ غَيْرَهُ.

(فَوَائِدُ) : الْأُولَى يَنْبَغِي لِلْآكِلِ، وَكَذَا الشَّارِبُ أَنْ يَجْهَرَ بِالْبَسْمَلَةِ لِيُنَبِّهَ غَيْرَهُ وَلِيُسْمِعَ الشَّيْطَانَ ذِكْرَ اللَّهِ فَيَهْرُبَ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ قَالَ: وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ انْتَهَى.

قُلْت: وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَيْثُ لَا مَانِعَ. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد فِي كِتَابِهِ (تُحْفَةِ الْعُبَّادِ وَأَدِلَّةِ الْأَوْرَادِ) : اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لِلذَّاكِرِ شَيْءٌ مِنْ الْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ إذَا كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ انْتَهَى.

(الثَّانِيَةُ) : قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: " نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ إذَا سَمَّى وَاحِدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ " قُلْت وَظَاهِرُ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَأْبَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِأَنَّهُ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ دُونَ مَنْعِ الشَّيْطَانِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْ الطَّعَامِ مَعَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ.

مَطْلَبٌ: يُسَمِّي الشَّارِبُ عِنْدَ كُلِّ ابْتِدَاءٍ وَيَحْمَدُ عِنْدَ كُلِّ قَطْعٍ.

(الثَّالِثَةُ) : ذَكَرَ السَّامِرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الشَّارِبَ يُسَمِّي اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ ابْتِدَاءٍ وَيَحْمَدُهُ عِنْدَ كُلِّ قَطْعٍ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ فِعْلٍ كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ آكَدُ.

وَإِنَّمَا خَصَّ هَؤُلَاءِ الشَّارِبَ إمَّا لِقِلَّتِهِ فَلَا يَشُقُّ التَّكْرَارُ، وَإِمَّا لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ مَأْمُورٌ بِهَا فَاسْتُحِبَّ فِيهَا مَا اُسْتُحِبَّ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ، فَإِنَّهُ يَطُولُ فَيَشُقُّ التَّكْرَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>