للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ: فَعَلَ قَوْمٌ هَكَذَا فَقَطَعَهُمْ عَنْ الْفَرْضِ انْتَهَى، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إسْرَافٌ وَلَا مَخِيلَةٌ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وَفِي الْحَدِيثِ «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» وَهُمْ الْمُبَالِغُونَ فِي الْأُمُورِ.

وَمِنْ التَّنَطُّعِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ كَاَلَّذِي يَمْتَنِعُ مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ، وَالْخُبْزِ، أَوْ لُبْسِ الْكَتَّانِ، أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ نِكَاحِ النِّسَاءِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ وَيَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الزُّهْدِ الْمُسْتَحَبِّ وَذَلِكَ جَهْلٌ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَآكُلُ اللَّحْمَ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» .

فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ لَا أُفْطِرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ لَا أَنَامُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا فَقَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ كَذَا، وَكَذَا لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَقُومُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» .

نَعَمْ التَّقْلِيلُ مِنْ الطَّعَامِ وَمِنْ بَعْضِ الْمُبَاحَاتِ، وَالِاقْتِصَادُ فِي ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الِانْهِمَاكِ فِي اللَّذَّاتِ وَالطَّرْحِ لِلتَّكَلُّفِ هُوَ الْمَطْلُوبُ الْمَحْمُودُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: أَكْلُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّحْمَ مَطْبُوخًا وَمَشْوِيًّا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالطُّيُورِ

(تَنْبِيهَاتٌ) : (الْأَوَّلُ) : ثَبَتَ فِيمَا لَا يُحْصَى إلَّا بِكُلْفَةٍ عَنْ سَيِّدِ الْعَالَمِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْلُهُ اللَّحْمَ مَطْبُوخًا وَمَشْوِيًّا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالطُّيُورِ.

وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَكَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْمًا قَدْ شُوِيَ فَمَسَحْنَا أَيْدِيَنَا بِالْحَصْبَاءِ، ثُمَّ قُمْنَا نُصَلِّي وَلَمْ نَتَوَضَّأْ» .

وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَشْهَدُ لَكُنْت أَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَطْنَ الشَّاةِ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» .

وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ لَحْمَ دَجَاجٍ»

<<  <  ج: ص:  >  >>