للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا الْمَرْءُ وَافَى مَنْزِلًا مِنْكَ طَالِبًا ... قِرَاكَ وَأَرْمَتْهُ إلَيْكَ الْمَسَالِكُ

فَكُنْ بَاسِمًا فِي وَجْهِهِ مُتَهَلِّلًا ... وَقُلْ مَرْحَبًا أَهْلًا وَيَوْمٌ مُبَارَكُ

وَقَدِّمْ لَهُ مَا تَسْتَطِيعُ مِنْ الْقِرَى ... عُجُولًا وَلَا تَبْخَلْ بِمَا هُوَ هَالِكُ

فَقَدْ قِيلَ بَيْتًا سَالِفًا مُتَقَدِّمًا ... تَدَاوَلَهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَمَالِكُ

بَشَاشَةُ وَجْهِ الْمَرْءِ خَيْرٌ مِنْ الْقِرَى ... فَكَيْفَ بِمَنْ يَأْتِي بِهِ وَهُوَ ضَاحِكُ

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: مِنْ تَمَامِ الْمُرُوءَةِ خِدْمَةُ الرَّجُلِ ضَيْفَهُ كَمَا خَدَمَهُمْ أَبُونَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ.

وَمِنْ آدَابِ الْمُضِيفِ أَيْضًا أَنْ يُحَدِّثَهُمْ بِمَا تَمِيلُ إلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ، وَلَا يَنَامَ قَبْلَهُمْ، وَلَا يَشْكُوَ الزَّمَانَ بِحُضُورِهِمْ، وَيَبَشُّ عِنْدَ قُدُومِهِمْ، وَيَتَأَلَّمُ عِنْدَ وَدَاعِهِمْ، وَأَنْ لَا يَتَحَدَّثَ بِمَا يُرَوِّعُهُمْ بِهِ، بَلْ لَا يَغْضَبُ عَلَى أَحَدٍ بِحَضْرَتِهِمْ لِيُدْخِلَ السُّرُورَ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَ.

وَعَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَأْمُرَ بِحِفْظِ نِعَالِ أَضْيَافِهِ، وَيَتَفَقَّدَ غِلْمَانَهُمْ بِمَا يَكْفِيهِمْ، وَأَنْ لَا يَنْتَظِرَ مَنْ يَحْضُرُ مِنْ عَشِيرَتِهِ إذَا قَدَّمَ الطَّعَامَ إلَى أَضْيَافِهِ فَقَدْ قِيلَ: ثَلَاثَةٌ تُضْنِي: سِرَاجٌ لَا يُضِيءُ، وَرَسُولٌ بَطِيءٌ، وَمَائِدَةٌ يُنْتَظَرُ إلَيْهَا مَنْ يَجِيءُ.

وَأَمَّا آدَابُ الضَّيْفِ فَهُوَ أَنْ يُبَادِرَ إلَى مُوَافَقَةِ الْمُضِيفِ فِي أُمُورٍ: مِنْهَا أَكْلُ الطَّعَامِ، وَلَا يَعْتَذِرُ بِشِبَعٍ، وَأَنْ لَا يَسْأَلَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَارِهِ سِوَى الْقِبْلَةِ وَمَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ.

وَلَا يَتَطَلَّعُ إلَى نَاحِيَةِ الْحَرِيمِ، وَلَا يُخَالِفُ إذَا أَجْلَسَهُ فِي مَكَان وَأَكْرَمَهُ بِهِ. وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ غَسْلِ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَأَى صَاحِبَ الْمَنْزِلِ قَدْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَةٍ فَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهَا، وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْآدَابِ أَحْدَثَهَا النَّاسُ وَإِلَّا فَفِي مَا ذَكَرْنَا مِنْ آدَابِ أَضْيَافِ الْخَلِيلِ كِفَايَةٌ غَيْرُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ مُكَمِّلَاتٌ وَمُحَسِّنَاتٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِي الْأَكْلِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ خَصْلَةً

النَّوْعُ الثَّالِثُ: حَكَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّ فِي الْأَكْلِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ خَصْلَةً أَرْبَعٌ فَرِيضَةٌ: أَكْلُ الْحَلَالِ، وَالرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الطَّعَامِ، وَالشُّكْرُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ. وَأَرْبَعٌ سُنَنٌ: أَنْ يَأْكُلَ بِيَمِينِهِ، وَمِمَّا يَلِيهِ، وَيَغُضَّ طَرْفَهُ عَنْ جَلِيسِهِ، وَيُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ الْمُحْتَاجَ.

وَعِشْرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>