للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَطَعَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى، وَالْغَايَةِ وَغَيْرِهَا.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَدَمُ الْإِبَاحَةِ اخْتَارَهَا ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِبَاحَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُرَجِّحًا مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ فَقَالَ:

مَطْلَبٌ: هَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ أَمْ لَا

؟ :

فَجَوِّزْهُ فِي الْأَوْلَى وَحَرِّمْهُ فِي الْأَصَحْ ... عَلَى هَذِهِ الصِّبْيَانِ مِنْ مُصْمَتٍ زِدْ

(فَجَوِّزْهُ) أَيْ لُبْسَ الْحَرِيرِ (فِي) الْقَوْلِ (الْأَوْلَى) بِالْقَبُولِ وَالصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ (وَحَرِّمْهُ) أَيْ حَرِّمْ إلْبَاسَ الْحَرِيرِ (فِي الْأَصَحِّ) مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ.

قَالَ فِي الْآدَابِ: هَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ - زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَالذَّهَبَ - عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَشْهَرُهُمَا التَّحْرِيمُ (عَلَى) أَوْلِيَاءِ (هَذِهِ الصِّبْيَانِ) إذْ هُمْ الْمُخَاطَبُونَ دُونَ الصِّبْيَانِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى، لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي» وَلِقَوْلِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كُنَّا نَنْزِعُهُ مِنْ الْغِلْمَانِ وَنَتْرُكُهُ عَلَى الْجَوَارِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَكَوْنُ الصِّبْيَانِ مَحَلًّا لِلزِّينَةِ مَعَ تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِمْ أَبْلَغُ فِي التَّحْرِيمِ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَرِهَ إلْبَاسَ الصَّبِيَّانِ الْقَرَامِزَ السُّودَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْفِتْنَةِ.

(تَنْبِيهَانِ) :

(الْأَوَّلُ) : لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ النَّاظِمِ عَلَى هَذِهِ الصِّبْيَانِ فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَشَارَ بِهِ إلَى الصِّبْيَانِ فَكَانَ حَقُّ الْإِشَارَةِ عَلَى هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانِ وَلَا يَسْتَقِيمُ النَّظْمُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِلرِّوَايَةِ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى إذْ " حَرِّمْ " لَا يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّ الْمَعْنَى يَكُونُ وَحَرِّمْهُ فِي الْأَصَحِّ الصِّبْيَانَ عَلَى هَذِهِ، وَلَعَلَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مِنْ تَصَرُّفِ النُّسَّاخِ. وَرَأَيْت فِي بَعْضِ نُسَخِهِ أَسْقَطَ لَفْظَةَ هَذِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَكَانَهَا شَيْئًا. وَيَظْهَرُ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>