للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ يُقَالُ: ثَمَرَةُ الْقَنَاعَةِ الرَّاحَةُ، وَثَمَرَةُ التَّوَاضُعِ الْمَحَبَّةُ.

وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إذَا سُئِلَ الشَّرِيفُ تَوَاضَعَ، وَإِذَا سُئِلَ الْوَضِيعُ تَكَبَّرَ.

وَقَالَ بَزَرْجَمْهَرَ: وَجَدْنَا التَّوَاضُعَ مَعَ الْجَهْلِ وَالْبُخْلِ، أَحْمَدَ مِنْ الْكِبْرِ مَعَ الْأَدَبِ وَالسَّخَاءِ.

وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ لِلرَّشِيدِ: تَوَاضُعُك فِي شَرَفِك أَفْضَلُ مِنْ شَرَفِك.

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

الْكِبْرُ ذُلٌّ وَالتَّوَاضُعُ رِفْعَةٌ ... وَالْمَزْحُ وَالضَّحِكُ الْكَثِيرُ سُقُوطُ

وَالْحِرْصُ فَقْرٌ وَالْقَنَاعَةُ عِزَّةٌ ... وَالْيَأْسُ مِنْ صُنْعِ الْإِلَهِ قُنُوطُ

وَقِيلَ: التَّوَاضُعُ سُلَّمُ الشَّرَفِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَغْرَقَ قَوْمَ نُوحٍ شَمَخَتْ الْجِبَالُ، وَتَوَاضَعَ الْجُودِيُّ فَرَفَعَهُ فَوْقَ الْجِبَالِ وَجَعَلَ قَرَارَ السَّفِينَةِ عَلَيْهِ فَسُبْحَانَ مَنْ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعِزَّةِ جَبَرُوتِ عَظَمَتِهِ، وَخَضَعَ لِجَلَالِ عَظِيمِ حِكْمَتِهِ.

مَطْلَبٌ: التَّوَاضُعُ لِغَنِيٍّ لِأَجْلِ غِنَاهُ مَذْمُومٌ.

(الثَّانِيَةُ) مِنْ التَّوَاضُعِ الْمَذْمُومِ تَوَاضُعُك لِغَنِيٍّ لِأَجْلِ غِنَاهُ. وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ لِأَجْلِ غِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ» .

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ خَضَعَ لِغَنِيٍّ وَوَضَعَ لَهُ نَفْسَهُ إعْظَامًا وَطَمَعًا فِيمَا قِبَلَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا مُرُوءَتِهِ وَشَطْرُ دِينِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ طُرُقٍ وَاهِيَةٍ حَتَّى ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَكُلُّ مَا يُرْوَى بِمَعْنَى ذَلِكَ فَهُوَ وَاهٍ. قَالَهُ فِي التَّمْيِيزِ. وَفِي الزُّهْدِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: وَجَدْت فِي التَّوْرَاةِ أَرْبَعَةَ أَسْطُرٍ مُتَوَالِيَاتٍ إحْدَاهُنَّ مَنْ قَرَأَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَظَنَّ أَنْ لَنْ يَغْفِرَ لَهُ فَهُوَ مِنْ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ. الثَّانِيَةُ: وَمَنْ شَكَا مُصِيبَتَهُ فَإِنَّمَا شَكَا رَبَّهُ. الثَّالِثَةُ: مَنْ حَزِنَ عَلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَقَدْ سَخِطَ قَضَاءَ رَبِّهِ. وَالرَّابِعَةُ: مَنْ تَضَعْضَعَ لِغَنِيٍّ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>