للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْتَمَّ بِالْعِمَامَةِ، وَلَا يَجْعَلَ مِنْهَا شَيْئًا تَحْتَ ذَقَنِهِ. وَيُقَالُ لِلْعِمَامَةِ الْمُقْعَطَةُ، وَفِي الْقَامُوسِ: اقْتَعَطَ تَعَمَّمَ وَلَمْ يُدِرْ تَحْتَ الْحَنَكِ وَكَمِكْنَسَةِ الْعِمَامَةِ. انْتَهَى.

وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: الْعِمَامَةُ الْمُحَنَّكَةُ هِيَ الَّتِي يُدَارُ مِنْهَا تَحْتَ الْحَنَكِ كَوْرٌ أَوْ كَوْرَانِ بِفَتْحِ الْكَافِ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا ذُؤَابَةٌ أَوْ لَا، وَهَذِهِ عِمَامَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ أَكْثَرُ سِتْرًا وَيَشُقُّ نَزْعُهَا؛ فَلِذَلِكَ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: حُكْمُ لُبْسِ الطَّيْلَسَانِ

الْحَادِي عَشَرَ: لَمْ يَسْتَحِبَّ عُلَمَاؤُنَا لُبْسَ الطَّيْلَسَانِ بَلْ كَرِهُوا لُبْسَ الْمُقَوَّرِ مِنْهُ.

قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى: وَكُرِهَ لِرَجُلٍ لُبْسُ الطَّيْلَسَانِ، وَهُوَ الْمُقَوَّرُ، وَفِي الْإِنْصَافِ: يُكْرَهُ الطَّيْلَسَانُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.

قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ: وَكُرِهَ الطَّيْلَسَانُ وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ.

زَادَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ الْمُقَوَّرُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُكْرَهُ يَلِ يُبَاحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ.

وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.

وَقَالَ فِي الْآدَابِ: قِيلَ يُكْرَهُ الْمُقَوَّرُ وَالْمُدَوَّرُ، وَقِيلَ وَغَيْرُهُمَا غَيْرُ الْمُرَبَّعِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ: وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْمُقَوَّرُ دُونَ سَائِرِهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ لُبْسَةَ رُهْبَانِ الْمَلَكِيِّينَ مِنْ النَّصَارَى.

قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ: لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَهُ يَعْنِي الطَّيْلَسَانَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، بَلْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: يَخْرُجُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ عَلَيْهِمْ الطَّيَالِسَةُ» .

وَرَأَى أَنَسٌ جَمَاعَةً عَلَيْهِمْ الطَّيَالِسَةُ.

فَقَالَ: مَا أَشْبَهَهُمْ بِيَهُودِ خَيْبَرَ، وَمِنْ هُنَا كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد. وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» . وَفِي التِّرْمِذِيِّ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا» .

قَالَ: وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>