للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَأَمَّا شُكْرُ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ فَمُسْتَحَبٌّ.

قَالَ: وَفِي الْحَمْدِ عَلَى الطَّعَامِ خِلَافٌ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي اللِّبَاسِ.

ثُمَّ إنْ وَجَبَ يَعْنِي الْحَمْدَ عَلَى اللِّبَاسِ فَعَدَمُهُ يَعْنِي عَدَمَ الْحَمْدِ بِأَنْ تَرَكَهُ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ يَعْنِي لَا يَكُونُ اللِّبَاسُ بِعَدَمِ الْحَمْدِ حَرَامًا.

مَطْلَبٌ: الرِّضَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَيَزِيدُ فِي الرِّزْقِ

(وَارْضَ) أَنْتَ (بِقَسْمِهِ) لَك فَإِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ، وَالْحَكِيمُ يَضَعُ الْأَشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا.

فَمِنْ عِبَادِهِ مَنْ لَمْ يُصْلِحْهُ إلَّا الْفَقْرُ وَلَوْ أَغْنَاهُ لَفَسَدَ عَلَيْهِ دِينُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْغِنَى، وَلَوْ أَفْقَرَهُ لَفَسَدَ عَلَيْهِ دِينُهُ، وَكَذَلِكَ الصِّحَّةُ وَالسَّقَمُ وَنُفُوذُ الْكَلِمَةِ وَعَدَمُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَمَهْمَا قَسَمَهُ لَك مِنْ ذَلِكَ فَكُنْ بِهِ رَاضِيًا مُطْمَئِنًّا لَا سَاخِطًا وَلَا مُتَلَوِّنًا، فَإِنَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ أَشْفَقُ مِنْ الْوَالِدَةِ عَلَى وَلَدِهَا.

وَمِنْ تَمَامِ حِكْمَتِهِ وَبَدِيعِ قُدْرَتِهِ أَنْ جَعَلَ عِبَادَهُ مَا بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، وَجَلِيلٍ وَحَقِيرٍ، وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ وَأَجِيرٍ، ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ، فَإِنْ سَخِطْت شَيْئًا مِنْ أَقْدَارِهِ أَهْلَكْت نَفْسَك وَقَطَّعْتهَا حَسَرَاتٍ عَلَى الدُّنْيَا، وَلَمْ تَنَلْ مِنْهَا إلَّا مَا قَسَمَهُ لَك جَلَّ شَأْنُهُ، وَإِنْ تَرْضَ بِقِسْمَتِهِ لَك مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ (تُثَبْ) ثَوَابَ الرَّاضِينَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَحْصُلُ لَك الرِّضَا الْمَوْعُودُ بِهِ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَعَلَيْهِ السُّخْطُ» وَتَثْبُتُ لَك حَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ وَتَسْلَمُ مِنْ الْإِبَاقِ الْمُتَوَعَّدِ بِهِ فِي قَوْلِهِ كَمَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ الْقُدْسِيَّةِ «مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَائِي وَيَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي فَلْيَعْبُدْ رَبًّا سِوَايَ» .

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَانَ الْمَرُّوذِيُّ مَعَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْعَسْكَرِ فِي قَصْرٍ فَأَشَارَ إلَى شَيْءٍ عَلَى الْجِدَارِ قَدْ نُصِبَ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: لَا تَنْظُرْ إلَيْهِ، قَالَ قُلْت: فَقَدْ نَظَرْت إلَيْهِ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ.

قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: تَفَكَّرْت فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١] ثُمَّ تَفَكَّرْت فِي وَفِيِّهِمْ وَأَشَارَ نَحْوَ الْعَسْكَرِ قَالَ {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١] ، قَالَ: رِزْقُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ خَيْرٌ.

قَالَ: وَلَا تَهْتَمَّ لِرِزْقِ غَدٍ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>