للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصْلِحَهَا» أَشَارَ فِي الْفَتْحِ إلَى ضَعْفِهِ. وَرَجَّحَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَقْفَهُ عَلَى عَائِشَةَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْهَا أَيْضًا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: لَأُخَالِفَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ فَنَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَأَحْتَفِيَنَّ، وَمَعْنَاهُ لَأَفْعَلَنَّ فِعْلًا يُخَالِفُهُ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ، فَرُوِيَ لَأُخَالِفَنَّ، وَرُوِيَ لَأُحَنِّثَنَّ، وَرُوِيَ لَأُخِيفَنَّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ فَاءٌ، وَهِيَ تَصْحِيفٌ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَأْخُذْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِرَأْيِ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ.

وَقَدْ وَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُمَا حَمَلَا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ، أَوْ كَانَ زَمَنَ فِعْلِهِمَا يَسِيرًا أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُمَا النَّهْيُ. انْتَهَى.

مَطْلَبُ حُكْمِ لُبْسِ النَّعْلِ فِي الصَّلَاةِ

وَلَا بَأْسَ فِي نَعْلٍ يُصَلِّي بِهِ بِلَا ... أَذًى وَافْتَقِدْهَا عِنْدَ أَبْوَابِ مَسْجِدِ

(وَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا كَرَاهَةَ (فِي) لُبْسِ (نَعْلٍ) طَاهِرٍ (يُصَلِّي) الْإِنْسَانُ (بِهِ) أَيْ بِالنَّعْلِ، يَعْنِي يُصَلِّي وَهُوَ لَابِسٌ لَهُ حَيْثُ كَانَ (بِلَا أَذًى) يَعْنِي حَيْثُ خَلَا النَّعْلُ مِنْ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يُعْفَى عَنْهَا.

وَاسْتَحَبَّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ - الصَّلَاةَ فِي النِّعَالِ.

قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ: وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ هَلْ يَجُوزُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ أَمْ لَا؟ .

أَجَابَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -: الصَّلَاةُ فِي النَّعْلَيْنِ سُنَّةٌ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُلْبَسُ مِنْ حِذَاءٍ وَجُمْجُمٍ وَزُرْبُولٍ وَخُفٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ» .

وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ الْيَهُودَ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ فَخَالِفُوهُمْ، فَأَمَرَنَا أَنْ نُخَالِفَ الْيَهُودَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ» .

قَالَ: فَالصَّلَاةُ فِي النَّعْلَيْنِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَفِي السُّنَنِ أَيْضًا «أَنَّهُ صَلَّى فِي نَعْلِهِ، وَصَلَّى أَصْحَابُهُ فِي نِعَالِهِمْ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَخَلَعُوا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاك خَلَعْت نَعْلَيْك فَخَلَعْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا أَذًى

<<  <  ج: ص:  >  >>