للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ.

وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاِتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي أُمَامَةَ وَوَاثِلَةَ. وَرَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ أَيْضًا بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ مِنْ رِوَايَةِ مَكْحُولٍ عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ.

قَوْلُهُ جَمِّرُوهَا أَيْ بَخِّرُوهَا وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ.

مَطْلَبٌ: يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَيَحْرُمُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَبَاطِلٌ.

وَيُسَنُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي فِيهِ لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَك، وَهَذَا الْمَذْهَبُ.

وَقِيلَ يُكْرَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِيهِ لَا أَنَّهُمَا يَحْرُمَانِ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْبَيْعِ.

وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.

فَعَلَى التَّحْرِيمِ فِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ الْمَذْهَبُ عَدَمُهَا وَقِيلَ بَلَى.

وَلَا يَجُوزُ التَّكَسُّبُ فِي الْمَسْجِدِ بِالصَّنْعَةِ كَخِيَاطَةٍ وَغَيْرِهَا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لِحَاجَةٍ وَغَيْرِهَا.

قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَقَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ الْمَسْجِدُ مَكَانًا لِلْمَعَاشِ وَقُعُودِ الصُّنَّاعِ وَالْفَعَلَةِ فِيهِ يَنْتَظِرُونَ مَنْ يَكْتَرِيهِمْ بِمَنْزِلَةِ وَضْعِ الْبَضَائِعِ فِيهِ يَنْتَظِرُ مَنْ يَشْتَرِيهَا، وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «خِصَالٌ لَا يَنْبَغِينَ فِي الْمَسْجِدِ: لَا يُتَّخَذُ طَرِيقًا، وَلَا يُشْهَرُ فِيهِ سِلَاحٌ وَلَا يُنْبَضُ فِيهِ بِقَوْسٍ، وَلَا يُنْثَرُ فِيهِ نَبْلٌ، وَلَا يُمَرُّ فِيهِ بِلَحْمٍ نِيءٍ، وَلَا يُضْرَبُ فِيهِ حَدٌّ، وَلَا يُقْتَصُّ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ، وَلَا يُتَّخَذُ سُوقًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَرَوَى مِنْهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ «لَا تَتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ طُرُقًا إلَّا لِذِكْرٍ أَوْ صَلَاةٍ» وَإِسْنَادُ الطَّبَرَانِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ.

قَوْلُهُ " يُنْبَضَ فِيهِ بِقَوْسٍ " يُقَالُ انْبِضْ الْقَوْسَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ إذَا حَرَّكَ وَتَرَهَا لِتَرِنَّ.

وَالنِّيءُ بِكَسْرِ النُّونِ وَهَمْزَةٍ بَعْدَ الْيَاءِ مَمْدُودًا، هُوَ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ وَقِيلَ: لَمْ يَنْضُجْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ وَقَفُوا خَارِجَ أَبْوَابِهِ فَلَا بَأْسَ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا أَرَى لِرَجُلٍ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ إلَّا أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ الذِّكْرَ وَالتَّسْبِيحَ فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>