للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَطْلَبُ: لُبْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ]

مَطْلَبٌ: لُبْسُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ:

وَقَدْ لَبِسَ السِّبْتِيَّ وَهُوَ الَّذِي خَلَا ... مِنْ الشَّعْرِ مَعَ أَصْحَابِهِ بِهِمْ اقْتَدِ

(وَقَدْ لَبِسَ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (السِّبْتِيَّ) نِسْبَةً إلَى السِّبْتِ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ جُلُودُ الْبَقَرِ، أَوْ كُلُّ جِلْدٍ مَدْبُوغٍ أَوْ بِالْقَرَظِ بِالْقَافِ وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مُحَرَّكَةً، وَهُوَ وَرَقُ السَّلْمِ، وَالْقَارِظُ مُجْتَنِيهِ، وَكَشِدَادِ بَائِعُهُ. وَأَدِيمٌ مَقْرُوظٌ دُبِغَ بِهِ أَوْ صُبِغَ بِهِ مِنْ الْقَامُوسِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ: وَالسِّبْتُ بِالْكَسْرِ جُلُودُ الْبَقَرِ الْمَدْبُوغَةِ بِالْقَرَظِ تُحْذَى مِنْهُ النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ.

وَفِي الْحَدِيثِ «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ اخْلَعْ سِبْتِيَّتَيْك» . ثُمَّ إنَّ النَّاظِمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَشَارَ إلَى بَيَانِ السِّبْتِيِّ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ بِالْقَرَظِ (الَّذِي خَلَا) بِالدَّبْغِ، وَالنَّتْفُ نَحْوُهُ (مِنْ الشَّعْرِ) الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ غَيْرَ ذِي شَعْرٍ، وَبِهَذَا فَسَّرَهُ وَكِيعٌ (مَعَ أَصْحَابِهِ) الْأَخْيَارِ الَّذِينَ شَادَ اللَّهُ بِهِمْ الدِّينَ، وَأَطْلَعَ شَمْسَ الْيَقِينِ، فَهُمْ نُجُومُ الْهُدَى، وَمَصَابِيحُ الدُّجَى، فَقَدْ نَالُوا بِصُحْبَتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا امْتَازُوا بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَاخْتَصَّهُمْ بِبَرَكَةِ مُشَاهَدَتِهِ حَتَّى صَارُوا أَئِمَّةً فَمَنْ اسْتَنَّ بِسُنَّتِهِمْ فَازَ وَأَفْلَحَ، وَمَنْ مَالَ عَنْ شِرْعَتِهِمْ هَلَكَ وَضَلَّ وَمَا أَنْجَحَ، فَعَلَيْهِمْ رِضْوَانُ اللَّهِ مَا تَجَلَّى بِذِكْرِهِمْ كِتَابٌ، وَمَا عَبِقَ نَشْرَ شَذَاهُمْ فَتَنَعَّمَ بِهِ ذَوُو الْأَلْبَابِ، وَلَمَّا كَانَ لَا نَجَاءَ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ إلَّا بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَصْحَابِهِ؛ إذْ جَمِيعُ الطُّرُقِ إلَى اللَّهِ مَسْدُودَةٌ إلَّا طَرِيقَهُ الْمُسْتَقِيمَةَ الْمَعْهُودَةَ.

قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (بِهِمْ) أَيْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَصْحَابِهِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - (اقْتَدِ) فِعْلُ أَمْرٍ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَقُدِّمَ مَعَ مُنَاسَبَةِ الْقَافِيَةِ لِيُفِيدَ الْحَصْرَ أَوْ الِاهْتِمَامَ. يَعْنِي أَنَّ الِاقْتِدَاءَ إنَّمَا يَصْلُحُ بِهِمْ لَا بِزَيْدٍ وَلَا بِعَمْرٍو وَمَعْنَى اقْتَدِ اسْتَنَّ بِهِمْ، وَاحْذُ حَذْوَهُمْ، وَافْعَلْ مِثْلَ فِعْلِهِمْ مُتَأَسِّيًا بِهِمْ. وَفُلَانٌ قُدْوَةٌ أَيْ يُقْتَدَى بِهِ، وَالضَّمُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>