للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْبَابُ الدِّينِ فَلَا يُرِيدُونَك، وَأَمَّا أَرْبَابُ الدُّنْيَا فَلَا تُرِيدُهُمْ، وَلَكِنْ عَلَيْك بِالْأَشْرَافِ فَإِنَّهُمْ يَصُونُونَ شَرَفَهُمْ عَمَّا لَا يَصْلُحُ.

ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: دَعَانِي الْمُعْتَصِمُ يَوْمًا فَأَدْخَلَنِي مَعَهُ الْحَمَّامَ، ثُمَّ خَرَجَ فَخَلَا بِي وَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَك عَنْهُ، إنَّ أَخِي الْمَأْمُونَ اصْطَنَعَ فَأَنْجَبُوا وَاصْطَنَعْت أَنَا مِثْلَهُمْ فَلَمْ يُنْجِبُوا. قُلْت وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ اصْطَنَعَ طَاهِرًا وَابْنَهُ، وَإِسْحَاقَ وَآلَ سَهْلٍ، فَقَدْ رَأَيْت كَيْفَ هُمْ، وَاصْطَنَعْت أَنَا الْأَفْشِينَ فَقَدْ رَأَيْتَ إلَى مَآلِ أَمْرِهِ وَأَسَاسِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ أَنْبَاحٌ وَوَصِيفٌ. قُلْت يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَاهُنَا جَوَابٌ عَلَيَّ أَمَانٌ مِنْ الْغَضَبِ، قَالَ لَك ذَلِكَ قُلْت نَظَرَ أَخُوك إلَى الْأُصُولِ فَاسْتَعْمَلَهَا فَأَنْجَبَتْ فُرُوعُهَا، وَاسْتَعْمَلْت فُرُوعًا لَا أُصُولَ لَهَا فَلَمْ تُنْجِبْ. فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ مُقَاسَاةُ مَا مَرَّ بِي طُولُ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ. انْتَهَى.

وَفِي خَبَرٍ «اُنْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ تَضَعُ وَلَدَك فَإِنَّ الْعِرْقَ دَسَّاسٌ» .

وَقِيلَ إنَّ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنَ عَلِيٍّ عَابَ يَوْمًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا كَمَا يَجِبُ، فَقَالَ لَهُ وَلَدُهُ (أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ) إنَّك عَمَدْت إلَى فَاسِقِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِمَاءِ الْحِجَازِ فَأَوْعَيْتَ فِيهِنَّ بُضْعَك، ثُمَّ تُرِيدُ أَنْ يُنْجِبُوا، وَإِنَّمَا تَحِنُّ لِصَاحِبَاتِ الْحِجَازِ، هَلَّا فَعَلْت فِي وَلَدِك مَا فَعَلَ أَبُوك فِيك حِينَ اخْتَارَ لَك عَقِيلَةَ قَوْمِهَا.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي وَصْفِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يُنَافَسَ فِيهَا شِعْرًا:

صِفَاتُ مَنْ يَسْتَحِبُّ الشَّرْعُ خِطْبَتِهَا ... جَلَوْتُهَا لِأُولِي الْأَبْصَارِ مُخْتَصِرَا

حَسِيبَةٌ ذَاتُ دِينٍ زَانَهَا أَدَبٌ ... وَلَوْ تَكُونُ حَوَتْ فِي حُسْنِهَا الْقَمَرَا

غَرِيبَةٌ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ خَاطِبْهَا ... هَذِي الصِّفَاتِ الَّتِي أَجْلُو لِمَنْ نَظَرَا

بِهَا أَحَادِيثُ جَاءَتْ وَهِيَ ثَابِتَةٌ ... أَحَاطَ عِلْمًا بِهَا مَنْ فِي الْعُلُومِ قَرَا.

مَطْلَبٌ: فِي الْكَفَاءَةِ وَأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ

(تَنْبِيهَاتٌ) :

(الْأَوَّلُ) : فِي الْكَفَاءَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

إحْدَاهُمَا أَنَّهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، فَإِذَا فَاتَتْ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ رَضِيَ أَوْلِيَاءُ الزَّوْجَةِ وَهِيَ بِهِ، لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُنْكِحُوا النِّسَاءَ إلَّا الْأَكْفَاءَ، وَلَا يُزَوِّجْهُنَّ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>