للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا قِيلَ طِينٌ لَاصِقٌ أَوْ مُؤَثِّرُ ... كَذَا دُودٌ مَرَجَ خُضْرَةً مِنْهُ يَكْسِبُ

وَجَانِبْ ذَوِي الْأَوْزَارِ لَا تَقْرَبَنَّهُمْ ... فَقُرْبُهُمْ يُرْدِي وَلِلْعِرْضِ يَسْلُبُ

وَقَالَ آخَرُ:

عَنْ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ... فَإِنَّ الْمُقَارِنَ لِلْمُقَارِنِ يُنْسَبُ

وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ صِحَاحٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا.

ثُمَّ نَهَى النَّاظِمُ عَنْ صُحْبَةِ الْأَحْمَقِ فَقَالَ:

مَطْلَبٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ مُصَاحَبَةِ الْحَمْقَى وَذَوِي الْجَهْلِ:

وَلَا تَصْحَبْ الْحَمْقَى فَذُو الْجَهْلِ إنْ يَرُمْ ... صَلَاحًا لِأَمْرٍ يَا أَخَا الْحَزْمِ يُفْسِدْ

(وَلَا تَصْحَبْ) أَيْ لَا تُعَاشِرْ، يُقَالُ صَحِبَهُ كَسَمِعَهُ صَحَابَةً وَيُكْسَرُ، وَصَحِبَهُ عَاشَرَهُ وَاسْتَصْحَبَهُ دَعَاهُ إلَى الصُّحْبَةِ وَلَازِمْهُ، فَنَهَاك النَّاظِمُ أَنْ تَصْحَبَ (الْحَمْقَى) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: حَمُقَ كَكَرُمَ وَغَنِمَ حُمْقًا بِالضَّمِّ وَبِضَمَّتَيْنِ وَحَمَاقَةً وَانْحَمَقَ وَاسْتَحْمَقَ فَهُوَ أَحْمَقُ قَلِيلُ الْعَقْلِ، وَقَوْمٌ وَنِسْوَةٌ حِمَاقٌ وَحُمُقٌ بِضَمَّتَيْنِ وَكَسَكْرَى وَسُكَارَى وَيُضَمُّ.

وَفِي الْمَطَالِعِ فِي قَوْلِهِ أَرَأَيْت إنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ أَيْ فَعَلَ فِعْلَ الْحَمْقَى. وَالْأُحْمُوقَةُ الْفِعْلَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ فِعْلِ الْحُمْقِ. وَفِي الْقَامُوسِ فَعَلَ فِعْلَ الْحَمْقَى كَاسْتَحْمَقَ.

وَقَالَ فِي لُغَةِ الْإِقْنَاعِ: الْحُمْقُ ارْتِكَابُ الْخَطَأِ عَلَى بَصِيرَةٍ يَظُنُّهُ صَوَابًا. وَقِيلَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ. وَقِيلَ اسْتِحْسَانُ مَا تَسْتَقْبِحُهُ الْعُقَلَاءُ، انْتَهَى.

ثُمَّ بَيَّنَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِلَّةَ تَرْكِ مُصَاحَبَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَذُو) أَيْ صَاحِبُ (الْجَهْلِ) ضِدُّ الْعِلْمِ (إنْ يَرُمْ) أَيْ يَطْلُبْ وَهُوَ مَجْزُومٌ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ إنْ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى ذِي الْجَهْلِ الَّذِي هُوَ الْأَحْمَقُ (صَلَاحًا لِأَمْرٍ) مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي أَفْسَدَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ فَسَدَتْ بِنَفْسِهَا (يَا أَخَا) يَا صَاحِبَ (الْحَزْمِ) وَهُوَ ضَبْطُ الْأَمْرِ وَالْأَخْذُ فِيهِ بِالثِّقَةِ كَالْحَزَامَةِ وَالْحُزُومَةِ، يُقَالُ حَزُمَ كَكَرُمَ فَهُوَ حَازِمٌ وَحَزِيمٌ وَجَمْعُهُ حَزَمَةٌ وَحُزَمَاءُ (يُفْسِدْ) مَجْزُومٌ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَحُرِّك بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَّةِ. وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى مَا رَوَاهُ الدِّينَوَرِيُّ فِي الْمُجَالَسَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَا تُوَاخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>