للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ بِهَا إحْدَى ثَلَاثٍ: إمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا إذَنْ تَكْثُرُ. قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ» وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ «أَوْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ» قَالَ الْجِرَاحِيُّ فِي «قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُ أَكْثَرُ» يَعْنِي أَكْثَرَ إجَابَةٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَنْصِبُ وَجْهَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَسْأَلُهُ إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهَا إمَّا أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مَا لَمْ يُعَجِّلْ، قَالُوا وَمَا عَجَلَتُهُ؟ قَالَ يَقُولُ دَعَوْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا أُرَاهُ يُسْتَجَابُ لِي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا.

مَطْلَبٌ: آدَابُ الدُّعَاءِ

وَمُدَّ إلَيْهِ كَفَّ فَقْرِك ضَارِعًا ... بِقَلْبٍ مُنِيبٍ وَادْعُ تُعْطَ وَتَسْعَدْ

(مُدَّ) أَيُّهَا الدَّاعِي فِي دُعَائِك (إلَيْهِ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (كَفَّ) أَيْ رَاحَتَك قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْكَفُّ الرَّاحَةُ مَعَ الْأَصَابِعِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَكُفُّ الْأَذَى عَنْ الْبَدَنِ، وَالْجَمْعُ كُفُوفٌ وَأَكُفٌّ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ مِنْ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ مُذَكَّرَةٌ. يُرِيدُ النَّاظِمُ أَنَّك إذَا قُمْت فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ وَقْتَ ذَلِكَ بَعْدَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ اللَّيْلِ، فَتَوَجَّهْ بِكُلِّيَّتِك إلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَمُدَّ إلَيْهِ كَفَّ (فَقْرِك) إلَيْهِ اللَّازِمَ لِوُجُودِك، فَلَا يُتَصَوَّرُ انْفِكَاكُك عَنْهُ لَحْظَةً وَاحِدَةً.

وَإِلَيْهِ أَشَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَرَّدَ اللَّهُ مَضْجَعَهُ فِي قَوْلِهِ:

الْفَقْرُ لِي وَصْفُ ذَاتٍ لَازِمٌ أَبَدًا ... كَمَا الْغِنَى أَبَدًا وَصْفٌ لَهُ ذَاتِي

حَالَ كَوْنِك (ضَارِعًا) أَيْ مُتَذَلِّلًا مُبَالِغًا فِي السُّؤَالِ وَالرَّغْبَةِ، يُقَالُ ضَرَعَ يَضْرَعُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، وَتَضَرَّعَ إذَا خَضَعَ وَذَلَّ. قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَضَرَّعْ إلَى اللَّهِ أَيْ ابْتَهِلْ. فِي الْقَامُوسِ: ضَرَعَ إلَيْهِ وَيُثَلَّثُ ضَرْعًا مُحَرَّكَةً وَضَرَاعَةً خَضَعَ وَذَلَّ وَاسْتَكَانَ، أَوْ كَفَرِحِ وَمَنَعَ تَذَلَّلَ فَهُوَ ضَارِعٌ، وَذَلَّلَ لِمَا رُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>