للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ضبطهم قصورٌ عن رتبة رواة الصحيح، ولا يكونُ معلاً ولا شاذاً، وهو والصحيحُ سواءٌ إلا في تفاوت الضبط، فراوي إلصحيح يُشتَرط فيه أن يكونَ موصوفاً بأعلى درجات الضبط، وراوي الحسن لا يشترط فيه أن يبلغ تلك الدرجة، وإن كان ليس عرياً عن الضبط في الجملة، وهذا النوعُ من الحسن قد اتفقوا على الاحتجاج به، وأنه إذا ورد من طُرُقٍ أو كان في الباب ما يشهد له ارتقى إلى درجة الصحيح لغيره، وقد أدرجه غير واحد من المحدثين الذين التزموا الصحة في تواليفهم مع قولهم: إنه دون الصحيح، كالإمام البخاري والإمام مسلم، فإنهما رحمهما الله لم يلتزما في أحاديث كتابيهما أن تكون كلها في أعلى درجات الصحة، وكذا الإمامان ابن خزيمة وابن حبان. انظر " شروط الأئمة الخمسة " للحازمي ص ٥٧ - ٥٨ وشرح مسلم ١ / ١٥ للنووي، و " الموقظة " ص ٧٩ - ٨٠ للذهبي، و " اختصار علوم الحديث " ص ٣٧ لابن كثير، و " هدي الساري " ٢ / ١٦٢ و ٢ / ١٣٧ - ١٣٨ للحافظ ابن حجر.
والحسن لغيره أصله ضعيف كأن يكون في سنده مستور أو سيئ الحفظ أو موصوف بالاختلاط أو التدليس، أو مختلف في جرحه وتعديله اختلافاً لعذر الترجيح فيه، وإنما طرأ عليه الحسن بالعاضد الذي عضده، فاحْتُمِلَ لوجودِ العاضد، ولولا العاضدُ، لاستمرت صفة الضعف فيه. وفي هذا النوع من الحَسَنِ تتفاوتُ أنظار المحدثين، وتختلف أحكامهم فيه، ففريق منهم يَعْمِدُ إلى حديثٍ ما من هذه البابة، فيلتمسُ له الشواهد والمتابعات، ويرى أنها صالحة لتعضيده، فيخرجه من قسم
الضعيف ويحسنه ويحتج به، بينما الفريق الآخر لا يرى أن تلك المتابعات والشواهد كافية لإخراجه من قسم الضعيف وتحسينه ولكل وجهة هو موليها. وانظر " الموقظة " ص ٣٣.
أما إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي، أو اتهامه بالكذب، أو لفحش غلطه ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع، فإنه لا يرتقي إلى الحسن بل يزداد ضعفاً إلى ضعف إذ إنَّ تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحديث لا يرويه غيرهم يرجح عند جهابذة النقاد التهمة، ويؤيد ضعف روايتهم.
وقد تساهل غير واحد من المتأخرين ممن ينتحل هذه الصناعة في هذا القيد فحكموا على أحاديث ضعاف بالترقي إلى الحسن مع هذه العلة القوية.