للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال في جُملَة ما ذكر: سمعتُ " مسند " أحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى من أبي بكر بن مالك في مئة وخمسين جزءاً، فعَجِبَ أبو محمد المزني من ذلك، وقال: مئة وخمسون جزءاً من حديث أحمد ابن حنبل! كنا ونحن بالعِراقِ إذا رأينا عندَ شيخٍ من شيوخنا جزءاً من حديث أحمد ابن حنبل قَضَيْنا العجبَ من ذلك، فكيف في هذا الوقت هذا " المسند " الجليل!

ثم ذكر المديني كيف أن الحاكمَ لم يبدأ بتأليف كتابه " المستدرك على الصحيحين " إلا بعد أن أقام في بغداد أشهراً، وسمع جملةَ " المسند " من أبي بكر بن مالك القَطِيعي.

ومن طريف ما ذكره أبو موسى المدينيُّ في شِدة حِرْصِ العلماء على سماع " المسند " وعنايتهم به ما رواه عن أبي بكر القطيعي - وهو الذي انتشر " المسند " عنه - قال: رأيتُ أبا بكر أحمد بن سلمان النَّجَّاد (١) في النوم وهو على حالة جميلة، فقلت: أيَّ شيء كان خَبَرُك؟ قال: كل ما تحبُّ، الزم ما أنت عليه وما نحن عليه، فإنَّ الأمرَ هو ما نحن عليه وما أنتم عليه، ثم قال:

بالله إلا حَفِظْتَ هذا " المسند "، فهو إمامُ المسلمين وإليه يَرجِعون، وقد كنتُ قديماً أسألك بالله إن أَعَرْت منه أكثر من جزء لمن تعرفه ليَبقى.

ومما يُدهِشُ أيضاً أن بعضَهم قد حَفِظَه كُلَّه، فقد سُئِل الشيخ الإِمام الحافظ أبو الحسين علي بن الشيخ الإِمام الحافظ الفقيه محمد اليُونِينِي رحمهما الله تعالى - فيما رواه ابن الجَزَري (٢) -: أنت تحفظُ الكُتُبَ الستَّة؟

فقال: أحفَظُها وما أحفظها، فقيل له: كيف هذا؟ فقال: أنا أحفظُ " مسند "


(١) هو الإمام المحدث الحافظ الفقيه المفتي شيخ العراق، مترجم في " سير أعلام النبلاء " ١٥ / ٥٠٢.
(٢) في " المصعد الأحمد " ص ٣٢ (مقدمة الجزء الأول لمسند أحمد) .