للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٣٤ - (س) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال: كانت مُلوكٌ بعد عيسى -عليه السلام- بدَّلوا التَّوراةَ والإنجيلَ، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون ⦗٣٧٧⦘ التوارة والإنجيل، قيل لِمُلوكِهِمْ: ما نجدُ شتماً أَشدَّ من شَتْمٍ يشتمُونا هؤلاء، إنهم يقرؤون {ومَنْ لمْ يحكُمْ بما أنزلَ اللَّه فأولئك هم الكافرون} [المائدة: ٤٤] مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم، فادْعهُم فلْيَقرؤوا كما نَقْرَأُ، ولْيُؤْمِنُوا كَما آمَنَّا، فدَعَاهُمْ فَجَمَعَهُمْ، وعَرَضَ عليهم القتل أو يترُكوا قراءةَ التَّوراةِ والإنجيلِ، إلا ما بدَّلوا منها، فقالوا: ما تُريدون إلى ذلك؟ دَعُونا، فقالت طائفةٌ منهم: ابْنُوا لنا أُُسْطُواناً، ثم ارفعونا إليها، ثم أَعطونا شيئاً نرَفعُ به طعامَنا وشرابَنا، فلا نَرِدُ عليكم، وقالت طائفةٌ: دَعُونا نَسيحُ في الأرضِ، ونَهيمُ ونشرَبُ كما يشربُ الوحْشُ، فإن قَدَرْتُم علينا في أَرِضكُم فاقتُلونا، وقالت طائفةٌ منهم: ابْنُوا لنا دوراً في الفَيافِي، ونحتْفِرُ الآبارَ، ونَحْتَرِثُ البُقولَ، ولا نَرِدُ عليكم، ولا نَمُرُّ بكم، وليس أَحدٌ من القبائل إلا ولهُ حميمٌ فيهم، قال: فَفعلوا ذلك، فأنزل الله عز وجل: {ورَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كتبناها عليهم - إلا ابْتِغاءَ رضوانِ اللَّهِ (١) - فَما رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِها} [الحديد: ٢٧] والآخَرُونَ قالوا: نَتَعَبَّدُ كما تَعَبَّدَ فُلانٌ، ونَسيحُ كما ساحَ فُلانٌ، وهم على شِرْكِهِمْ، ولا عِلْمَ لهم بإِيمانِ الذين اقْتَدَوْا بهم، فَلمَّا بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لمْ يَبْقَ منهم إلا قليلٌ، انْحَطَّ رجلٌ من صَوْمَعَتِهِ، وجاءَ سائِحٌ من ⦗٣٧٨⦘ سياحَتِهِ، وصاحبُ الدَّيْرِ من دَيْرِهِ، فآمنُوا به وصدَّقوه، فقال الله تبارك وتعالى: {يا أيُّها الذين آمنُوا اتَّقُوا اللَّه وآمنوا برسولِهِ يُؤتِكُم كِفْلَيْنِ من رحمته} [الحديد: ٢٨] : أجْرَينِ، بإيمانهم بعيَسى عليه السلام، وبالتوارة والإنجيل، وبإِيمانهم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وتصديقهم، وقال: {ويجْعلْ لكم نوراً تمشُونَ بهِ} [الحديد: ٢٨] : القرآن، واتِّباعَهُم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أهلُ الكِتابِ} [الحديد: ٢٩] الذين يَتَشبَّهون بكم {أَلَّا يقدرون على شيءٍ من فَضْلِ اللَّه} ... الآية. أخرجه النسائي (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(نهيم) هام في البراري: إذا ذهب لوجهه على غير جادة، ولا طالب مقصد.

(الفيافي) البراري.


(١) فيه قولان: أحدهما: أنهم قصدوا بذلك رضوان الله، قاله سعيد بن جبير وقتادة. والآخر: ما كتبنا عليهم ذلك، إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله، وقوله: {فما رعوها حق رعايتها} أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين. أحدهما: الابتداع في دين الله بما لم يأمر به الله. والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل. قاله ابن كثير.
(٢) ٨ / ٢٣١ - ٢٣٣ في القضاء، باب تأويل قول الله عز وجل: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، وإسناده قوي، فإن الراوي عن عطاء بن السائب فيه سفيان الثوري، وقد سمع منه قبل أن يختلط، كما نبه على ذلك غير واحد من النقاد، وذكره ابن كثير في تفسيره ٤ / ٣١٦ عن النسائي وابن جرير ثم قال: وهذا السياق فيه غرابة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه النسائي (٨/٢٣١-٢٣٣) قال: نا الحسين بن حريث، قال: نا الفضل بن موسى عن سفيان بن سعيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>