للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٨٦ - (خ م ت د) قتادة قال: «سألتُ أنَساً -رضي الله عنه-: كم حَجَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: حَجَّ حَجَّة واحدة، واعتَمرَ أربعَ عُمَرٍ: عُمرَةً في ذي القعدة، وعُمرَةَ الحديبيَةِ، وعمرةً مع حَجَّته، وعمرةَ الجِعْرانة، إذ قَسَمَ غَنِيمةَ حُنينٍ» . هذه رواية الترمذي. ⦗٤٥٣⦘

وفي رواية البخاري ومسلم: «أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- اعَتَمَرَ أربع عُمَر، كُلُّها في ذي القعدة. إلا التي مع حَجَّته (١) : عمرة من الْحُدَيبية - أو زَمنَ الحديبية - في ذي القَعدة، وعمرةً من العام المقبل في ذي القَعدة، وعمرةً من جِعْرَانةَ، حيث قَسمَ غَنَائِمَ حُنينٍ في ذي القَعدة، وعمرةً في حَجَّته (٢) » . ⦗٤٥٤⦘

ولهما في أخرى بنحو رواية الترمذي.

وفي رواية أبي داود مثل روايتهما الأَولى (٣) .


(١) قوله: " إلا التي اعتمر مع حجته " قال القابسي: هذا الاستثناء كلام زائد. وصوابه: أربع عمر في ذي القعدة: عمرة من الحديبية ... الخ. وقد عدها في آخر الحديث، فكيف يستثنيها أولاً؟ . قال القاضي: والرواية عندي هي الصواب، وقد عدها بعد في الأربع آخر الحديث، فكأنه قال: في ذي القعدة، إلا التي اعتمر في حجته، ثم فسرها بعد ذلك؛ لأن عمرته التي مع حجته إنما أوقعها في ذي الحجة. إذا قلنا: إنه كان قارناً أو متمتعاً. قاله الزركشي.
(٢) قال النووي في " شرح مسلم ": قوله: " اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم - إلى قوله - وعمرة مع حجته ": وفي الرواية الأخرى: " حج حجة واحدة، واعتمر أربع عمر "، هذه رواية أنس. وفي رواية ابن عمر: " أربع عمر إحداهن في رجب "، وأنكرت ذلك عائشة رضي الله عنها، وقالت: " لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قط في رجب "، فالحاصل من رواية أنس وابن عمر: اتفاقهما على أربع عمر، وكانت إحداهن: في ذي القعدة عام الحديبية، سنة ست من الهجرة، وصدوا فيها فتحللوا وحسبت لهم عمرة، والثانية: في ذي القعدة وهي سنة سبع، وهي عمرة القضاء، والثالثة: في ذي القعدة سنة ثمان، وهي عام الفتح، والرابعة: مع حجته، وكان إحرامها في ذي القعدة وأعمالها في ذي الحجة، وأما قول ابن عمر رضي الله عنهما: " إن إحداهن في رجب " فقد أنكرته عائشة رضي الله عنها، وسكت ابن عمر حين أنكرته. قال العلماء: هذا يدل على أنه اشتبه عليه، أو نسي أو شك، ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة، ومراجعتها بالكلام، هذا الذي ذكرته هو الصواب الذي يتعين المصير إليه. وأما القاضي عياض فقال: ذكر أنس: " أن العمرة الرابعة كانت مع حجته " فيدل على أنه كان قارناً، قال: وقد رده كثير من الصحابة رضي الله عنهم.
قال: وقد قلنا: إن الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفرداً، وهذا يرد قول أنس، ⦗٤٥٤⦘ وردت عائشة قول ابن عمر: فحصل أن الصحيح: ثلاث عمر، قال: ولا يعلم للنبي صلى الله عليه وسلم اعتمار إلا ما ذكرناه. قال: واعتمد مالك في الموطأ على أنهن ثلاث عمر، هذا آخر كلام القاضي، وهو قول ضعيف، بل باطل، والصواب: أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، كما صرح به ابن عمر وأنس وجزما الرواية به، فلا يجوز رد روايتهما بغير جازم.
وأما قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع مفرداً لا قارناً فليس كما قال، بل الصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفرداً في أول إحرامه، ثم أحرم بالعمرة فصار قارناً، ولا بد من هذا التأويل، والله أعلم.
قال العلماء: وإنما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم هذه العمرة في ذي القعدة لفضيلة هذا الشهر، ولمخالفة الجاهلية في ذلك، فإنهم كانوا يرونه من أفجر الفجور كما سبق، ففعله صلى الله عليه وسلم مرات في هذه الأشهر؛ ليكون أبلغ في بيان جوازه فيها، وأبلغ في إبطال ما كانت الجاهلية عليه. والله أعلم.
وأما قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم حج حجة واحدة، فمعناه: بعد الهجرة لم يحج إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع سنة عشر من الهجرة. اهـ.

(٣) أخرجه البخاري ٣ / ٤٧٨ في الحج، باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الجهاد، باب من قسم الغنيمة في غزوة وسفره، وفي المغازي، باب غزوة الحديبية، ومسلم رقم (١٢٥٣) في الحج، باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن، والترمذي رقم (٨١٥) في الحج، باب ما جاء كم حج النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داود رقم (١٩٩٤) في المناسك، باب العمرة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٣/٢٤٥) قال: ثنا عفان، ثنا همام عن قتادة، فذكره وأخرجه البخاري عن حسان بن حسان، عن أبي الوليد، وفي «الجهاد» عن هدبة بن خالد، ومسلم بن هدبة بن خالد عن أبي موسى عن عبد الصمد وأبو داود عن أبي الوليد وهدبة، والترمذي عن إسحاق بن منصور عن حبان خمستهم) عن قتادة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>