للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الكتاب الخامس: في الاعتكاف]

١١٩ - (خ م ط د ت س) عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأواخِرَ من رمضان، حتَّى تَوَفَّاهُ الله عز وجل، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزواجُهُ بعدَهُ.

وفي رواية: كان يُجاوِرُ العشرَ الأواخِرَ من رمضان، ويقول: «تَحَرَّوْا ليلة القدر في العشْر الأواخِرِ من رمضان» .

وفي رواية: كان يعتكف في كل رمضان، فإذا صلَّى الغَدَاةَ، جاءَ ⦗٣٣٥⦘ مكانه الذي اعتَكَف فيه، قال: فاستأذَنَتْه عائشةُ أنْ تَعْتكف، فأذِنَ لها، فضربتْ فيه قُبَّةً، فسمِعَتْ بها حَفْصَةُ، فضربتْ فيه قُبَّةً، وسمِعَتْ زينبُ، فضربتُ قُبَّةً أخرى، فلما انصرف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الغَدَاةِ، أبْصَرَ أرْبَعَ قبابٍ، فقال: «ما هذا؟» فأُخْبِر خَبَرَهن. فقال: «ما حَمَلَهُنَّ على هذا؟ آلبرّ (١) ؟ انْزِعوها، فلا أراها» ، فنُزعت، فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوال.

وفي أخرى: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يَعْتَكِفَ، صلَّى الفجر ثم دَخَلَ مُعتكَفه - ثم ذكر نحوه ... - إلى أنْ قال: فلما صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر، نظر فإذا الأخْبِيَةُ، فقال: «آلبرَّ يُرِدْنَ؟» فأمَر بخبائه فقُوِّض، وتَرَك الاعتكاف في شهر رمضان، حتى اعتَكَفَ في العشر الأوَّل من شوّال. هذه روايات البخاري ومسلم.

ورواية «الموطأ» أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يَعتكِفَ، فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يَعْتكِفَ فيه، وجد أخبيةً: خِباءَ عائشة، وخِباءَ حفصةَ، وخِباءَ زينبَ، فلما رآها سألَ عنها؟ فقيل له: هذا خِباءُ عائشة وحفصة وزينب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آلبرَّ (٢) يقولون بِهِنَّ، ثُمَّ ⦗٣٣٦⦘ انصَرفَ فلم يعتكِف، حتى اعتكَفَ عشرًا من شوال» .

وأخرجه الترمذي عن عائشة وأبي هريرة معًا مختصرًا، قال: كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قَبَضَهُ اللهُ عزَّوجلَّ. وله في أخرى عن عائشة: كان إذا أن يعتكف صلَّى الفَجْرَ، ثمَّ دخَلَ في مُعْتَكَفِه. وأخرجه أبو داود مثل رواية البخاري ومسلم الأولى.

وأخرجه أيضًا قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يعتكف صلَّى الفجر، ثُمَّ دخَلَ مُعتَكَفَهُ، وإنه أراد مرة أن يَعتكفَ في العشْر الأواخِرِ من رمضان، قالت: فأمَرَ ببنائِهِ فضُربَ، فلمَّا رأيتُ ذلك أمَرْتُ ببنائي فَضُربَ، قالت: وأمر غيري من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ببنائها فَضُربَ، فلمَّا صلَّى الفجر، نَظَرَ إلى الأبنيةِ، فقال: «ما هذه؟ آلِبِرَّ يُرِدْنَ؟ آلبرَّ يُرِدْنَ؟» - وفي رواية: «آلبرَّ يُرِدْنَ؟» مرةً واحدةً - فأمر ببنائه فَقُوِّضَ، وأمَرَ أزواجُهُ بأبْنِيَتِهِنَّ فَقُوِّضتْ، ثم أخَّرَ الاعتكاف إلى العشر الأول، يعني من شوال. وفي رواية قال: اعتكف عشرين من شوَّال. وأخرجه النسائي بنحو من رواية البخاري ومسلم الآخرة (٣) . ⦗٣٣٧⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

يعتكف: العَكْفُ: الحبس، يقال: عَكَفَهُ يَعْكُفُهُ ويَعكِفُه عَكفًا: حبسه ووقفه، ومنه الاعتكاف في المسجد، وهو حبس النفس به، وعكف على الشيء يعكف ويعكف عكوفًا: أقبل عليه مواظبًا.

يُجاور: المجاورة: الاعتكاف في المسجد.

تَحَرَّوا: التحري: القصد والاجتهاد في الطلب.

قُبَّةٌ: القبة من الأبنية: ذوات الجدران معروفة، ومن الخيام: بيت صغير.

خِباء: الخِباء: واحد الأخبية من وبر أو صوف، ولا يكون من شعر، وهو على عمودين أو ثلاثة، وما فوق ذلك فهو بيت.

فقوِّض: تقويض الخباء والخيمة: رفعهما وإزالتهما.

ببنائه: البناء: واحد الأبنية، وهي البيوت التي يسكنها العرب في الصحراء، فمنها الطِّرَافُ، ويكون من أدم، والخباء، وقد ذكر، والقبة، وقد ذكرت.

البر: اسم جامع للخير كله، ومنه قوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله ... } الآية [البقرة: ١٧٧] .


(١) قال الكرماني: " ما حملهن " " ما " نافية، و " البر " فاعل حمل، أو: استفهامية، و " آلبر " بهمزة الاستفهام: مبتدأ خبره محذوف، و " فلا أرى " - يروى - بالرفع وبالجزم.
(٢) بهمزة ممدودة، ونصب البر " يقولون " بمعنى: يظنون، وفيه إجراء القول مجرى فعل الظن على اللغة المشهورة، فالبر مفعول ثان وهما في الأصل مبتدأ وخبر، أي: طلب البر، وخالص العمل [لله] (*) ، تظنون بهن، ويجوز الرفع على الحكاية.
(٣) البخاري ٤/٢٢٦ في التراويح، باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر و ٢٣٦ في الاعتكاف، باب الاعتكاف في العشر الأواخر، و ٢٢٤، باب الاعتكاف، ومسلم رقم ١١٨٣ في الاعتكاف، باب متى يدخل من أراد الاعتكاف، والموطأ ١/٣١٦ في الاعتكاف، باب قضاء الاعتكاف، والترمذي رقم ٧٩٠ في الصوم، باب ما جاء في الاعتكاف، والنسائي ٢/٤٤ ⦗٣٣٧⦘ في المساجد، باب ضرب الخباء في المساجد، وأبو داود رقم (٢٤٦٢) و (٢٤٦٤) في الصيام، باب الاعتكاف، وخرجه ابن ماجة رقم ١٧٧١ في الصيام، باب ما جاء فيمن يبتدئ الاعتكاف.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٦/٩٢) قال: حدثنا قُتَيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن عقيل، وفي (٦/٢٣٢) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. وفي (٦/٢٧٩) قال: حدثنا عامر بن صالح، قال: حدثني يونس ابن يزيد. والبخاري (٣/٦٢) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. ومسلم (٣/١٧٥) قال: حدثنا قُتَيبة بن سعيد. قال: حدثنا ليث، عن عقيل. وأبو داود (٢٤٦٢) قال: حدثنا قُتيبة ابن سعيد. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. والنسائي في الكبرى (الورقة ٤٤أ) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا الليث، عن عُقيل.
ثلاثتهم -عقيل، ومعمر، ويونس- عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، فذكره.
• وأخرجه أحمد (٦/١٦٨) قال: حدثنا عبد الرزاق وابن بكر. والنسائي في الكبرى (الورقة ٤٤أ) قال: أخبرنا إبراهيم بن الحسن. قال: حدثنا حجاج.
ثلاثتهم -عبد الرزاق، ومحمد بن بكر، وحجاج- عن ابن جُريج. قال: وحدثني ابن شهاب عن المعتكف وكيف سنته، عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها أخبرتهما، فذكراه.
- وروته عنها عمرة:
أخرجه الحميدي (٢/١٩٥) ، وأحمد (٦/٨٤) ، والبخاري (٣/٦٣) ، ومسلم (٣/١٧٥) ، ومالك في الموطأ (٢١٠) .
- ورواه عنها المطلب بن عبد الله:
أخرجه ابن خزيمة (٢٢١٦) .
- ورواه عنها مسروق:
أخرجه الحميدي (١٨٧) ، وأحمد (٦/٤٠) ، والبخاري (٣/٦١) ، ومسلم (٣/١٧٥) ، وأبو داود (١٣٧٦) ، وابن ماجة (١٧٦٨) ، والنسائي (٣/٢١٧) ، وابن خزيمة (١٢١٤) .
- والأسود بن يزيد:
أخرجه أحمد (٦/١٢٢) ، والترمذي [٧٩٦] ، وابن خزيمة (٢٢١٥) .
قلت: ورواه عنها القاسم وغيره بنحو اللفظ المذكور.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: غير واضحة بالمطبوع، واعتمدناها من مشارق الأنوار للقاضي عياض

<<  <  ج: ص:  >  >>