للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٧٩ - (ط) أبو إِدريس الخولاني [عائذ الله] : قال: «دخلتُ مسجدَ دمشقَ، فإذا فتى برَّاقُ الثَّنَايا، والناسُ حولَه، فإِذا اختلفوا في شيء أسْنَدُوهُ إِليهِ، وصَدَرُوا عن رأيه، فسألتُ عنه؟ فقالوا: هذا معاذُ بنُ جبل، فلما كان الغدُ هَجَّرتُ إِليه، فوجدتُه قد سبقني بالتهجير، ووجدتُهُ يصلِّي، فانتظرتُهُ حتى قضى صلاتَهُ، ثم جئتُهُ من قِبَل وجهه، فسلَّمتُ عليه، ثم قلتُ: والله إِني لأحبُّكَ في الله، فقال: آللهِ؟ فقلتُ: آللهِ، فقال: آللهِ؟ فقلتُ: ⦗٥٥٢⦘ آللهِ، فأخذ بحَبْوة ردائي، فَجَبَذني إِليه، وقال: أبشر، فإِني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: قال اللهُ تباركَ وتعالى: وَجَبَتْ محبَّتي للمُتَحَابِّينَ فيَّ، والمُتجالِسينَ فيَّ، والمُتزاورينَ فيَّ، والمتباذلينَ فيَّ» . أخرجه الموطأ (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(برَّاق الثَّنايا) وصف ثناياه بالحُسن والصفاء، وأنها تلمع إذا تبسَّم كالبرق، أراد بذلك: وصف وجهه بالبِشر والطلاقة.

(هجَّرْت) التَّهجير: المضي إلى الصلاة في أول وقتها، وهو مثل التبكير، ولا يراد بهما: المضي في الهاجرة، ولا في البُكرة.


(١) ٢ / ٩٥٣ و ٩٥٤ في الشعر، باب ما جاء في المتحابين في الله، وإسناده صحيح، وصححه الحاكم وابن عبد البر وغيرهما.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك الموطأ (١٨٤٣) عن أبي حازم بن دينار عن أبي إدريس الخولاني، فذكره.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ (٤/٤٤٧) وقال ابن عبد البر: هذا إسناد صحيح وفيه لقاء أبي إدريس لمعاذ، وأنكرته طائفة لقول الزهري عن أبي إدريس: أدركت عبادة بن الصامت وفلانا وفلانا وفاتني معاذ بن جبل، ولذا قال قوم: وهم مالك فأسقط من إسناده أبا مسلم الخراساني وزعموا أن أبا إدريس رواه عن أبي مسلم عن معاذ، وقال آخرون: غلط أبو حازم في قوله عن أبي إدريس عن معاذ، إنما هو عن عبادة بن الصامت وهذا كله تخرص وظن لا يغني من الحق شيئا، فقد رواه جماعة عن أبي حازم كرواية مالك سواء منهم ابن أبي حازم وجاء عن أبي إدريس من وجوه شتى غير أبي حازم، منهم الوليد بن عبد الرحمن، وعطاء الخراساني.
كلاهما - عند قاسم بن أصبغ - بإسناد صحيح بنحو حديث الموطأ، وشهر بن حوشب حدثني عائذ بن عبيد الله أنه سمع معاذ بن جبل يقول: إن الذين يتحابون في جلال الله في ظل عرشه، فقد ثبت أن أبا إدريس لقي معاذا وسمع منه، فلا شيء في هذا على مالك ولا على أبي حازم، فيحمل قول ابن شهاب عنه فاتني معاذ على فوات لزوم وطول مجالسته، أو فاتني في حديث كذا أو معنى كذا وليس سماعه منه بمنكر فإنه ولد يوم حنين ومات معاذ بالشام سنة ثمان عشرة، وهو ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة، ولا يقدح في ذلك رواية من رواه عنه عن عبادة لجواز أن عبادة، ومعاذا وغيرهما سمعوا ذلك منه -صلى الله عليه وسلم-، انتهى ملخصا.
وبنحوه: عن أبي إدريس الخولاني، قال: دخلت مسجد حمص، فجلست إلى حلقة فيها اثنان وثلاثون رجلا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يقول الرجل منهم: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيحدث. ثم يقول الآخر: سمعت رسو ل الله -صلى الله عليه وسلم- فيحدث. قال: وفيهم رجل أدعج، براق الثنايا. فإذا شكوا في شيء ردوه إليه ورضوا بما يقول فيه. قال: فلم أجلس قبله ولا بعده مجلسا مثله. فتفرق القوم، وما أعرف اسم رجل منهم ولا منزله. قال: فبت بليلة ما بت بمثلها. قال: وقلت: أنا رجل أطلب العلم، وجلست إلى أصحاب نبي الله -صلى الله عليه وسلم- لم أعرف اسم رجل منهم ولا منزله. فلما أصبحت، غدوت إلى المسجد، فإذا أنا بالرجل الذي كانوا إذا شكوا في شيء ردوه إليه، يركع إلى بعض أسطوانات المسجد، فجلست إلى جانبه، فلما انصرف، قلت: يا عبد الله، والله إني لأحبك لله تبارك وتعالى. فأخذ بحبوتي حتى أدناني منه، ثم قال: إنك لتحبني لله؟ قال: قلت: إي والله، إني لأحبك لله. قال: فإني سمعت رسول الله، -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن المتحابين بجلال الله في ظل الله وظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله» .
قال: فقمت من عنده، فإذا أنا برجل من القوم الذين كانوا معه. قال: قلت: حديثا حدثنيه الرجل. قال: أما إنه لا يقول لك إلا حقا. قال: فأخبرته، فقال: قد سمعت ذلك وأفضل منه. سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يأثر عن ربه تبارك وتعالى: «حقت محبتي للذين يتحابون فيّ، وحقت محبتي للذين يتباذلون فيّ، وحقت محبتي للذين يتزاورون فيّ» .
قال: قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عبادة بن الصامت. قال: قلت: من الرجل؟ قال: معاذ ابن جبل.
* أخرجه عبد الله بن أحمد (٥/٣٢٨) قال: حدثنا أبو صالح، الحكم بن موسى، قال: حدثنا هقل يعني ابن زياد، عن الأوزاعي، قال: حدثني رجل في مجلس يحيى بن أبي كثير، عن أبي إدريس الخولاني، فذكره.
* أخرجه أحمد (٥/٢٢٩) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن أبي عبد الرحمن، عن أبي إدريس العبدي، أو الخولاني، قال: جلست مجلسا فيه عشرون من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>