للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨١٩ - (خ م د ت ط) أبو سعيد الخدري، وأُبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري - رضي الله عنهم -: قال أبو سعيد: «كنتُ في مجلس من مجالس الأنصار، إِذ جاء أبو موسى كأنه مَذْعور، فقال: استأذنتُ على عمرَ ثلاثاً فلم يُؤذَنْ [لي] ، فرجعتُ، قال: ما منعكَ؟ قلتُ: استأذنتُ ثلاثاً، فلم يُؤذَنْ [لي] ، فرجعتُ، وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: إِذا استأذَنَ أحدكم ثلاثاً، فلم يُؤذَنْ له فلْيَرْجِعْ، فقال: والله لَتُقِيمنَّ عليه بَيِّنة، أمنكم أحد سمعه من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-؟ قال أُبَيُّ بنُ كعب: فوالله لا يقوم معك إِلا أصغر القوم، فكنتُ أصغرَ القوم، فقمتُ معه، فأخبرتُ عمرَ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال ذلك» .

قال الحميديُّ: ألفاظ الرواة في الحكاية عن عمر وأبي موسى مختلفة، والمعاني متقاربةُ، ولفظ المتن فيها واحد، كما قدَّمنا، إلا أن في رواية منها «أنَّ أبا موسى قال: أنْشُدكم بالله: هل سمعَ أحد منكم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: الاستئذانُ ثلاث، فإن أُذِنَ لك، وإلا فارجعْ؟ قال أبو سعيد: فقمتُ حتى أتيتُ عُمَرَ، فقلتُ: قد سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول هذا» . ⦗٥٨٠⦘

وفي أُخرى «أن أبا موسى استأذنَ على عمر ثلاثاً، فكأنه وجده مشغولاً، فرجع، فقال عمرُ: ألم أسمعْ صوتَ عبدِ الله بنِ قيس؟ ائْذَنُوا له، فَدُعِي، فقال [له] ، ما حملكَ على ما صنعتَ؟ قال: إنا كنا نُؤمَرُ بهذا، قال: لَتُقيمَنَّ على هذا بيَّنةَ، أو لأفْعَلَنَّ، فخرج، فانطلق إلى مجلس من الأنصار، فقالوا: لا يشهدُ على هذا إلا أصغَرُنا، فقام أبو سعيد، فقال: كنا نؤمَر بهذا، فقال عمرُ: خَفِي عليَّ هذا من أمرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، ألْهَاني عنه الصَّفْقُ بالأسواق» . أخرجه البخاري ومسلم.

وفي رواية لمسلم «أن أبا موسى أتى بابَ عمرَ، فاستأذنَ، فقال عمرُ: واحدة، ثم استأذنَ الثانيةَ، فقال عمرُ، ثِنْتانِ، ثم استأذنَ الثالثةَ، فقال عمرُ: ثلاث، ثم انصرفَ، فأتْبعَهُ، فرَدَّه، فقال: إنْ كان هذا شيئاً حفظتَه من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-: فها (١) ، وإلا لأجعَلَنَّكَ عِظَةَ، قال أبو سعيد، فأتانا فقال: ألم تعلموا أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: الاستئذانُ ثلاث؟ قال: فجعلوا يضحكون، قال: فقلتُ: أتاكم أخوكم المسلم قد أُفْزِعَ، تضحكون؟! قال: انْطَلِقْ، فأنا شريكك في هذه العقوبة، فأتاه، فقال: هذا أبو سعيد» . ⦗٥٨١⦘

وأخرجه أبو داود مثل الرواية الأولى. وأخرج الترمذي رواية مسلم.

وأخرج أبو داود أيضاً «أنَّ أبا موسى استأذنََ على عمرَ - بهذه القصة - قال فيه: فانطلق [إليه] بأبي سعيد، فشهدَ له، فقال: أخفي عليَّ هذا من أمرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-؟ ألهاني الصَّفْقُ بالأسواق، ولكنْ سَلِّمْ ما شئتَ ولا تستأذِنْ» .

وفي رواية لمسلم قال أبو بُرْدةَ: «جاء أبو موسى إلى عمرَ، فقال: السلامُ عليكم، هذا عبدُ الله بنُ قيس، فلم يأذنْ له، فقال: السلام عليكم، هذا أبو موسى، السلامُ عليكم، هذا الأشعريُّ، ثم انصرفَ، فقال: رُدُّوا عليَّ، ردُّوا عليَّ، فجاء فقال: يا أبا موسى، ما ردَّك؟ كنا في شُغْل، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: الاستئذانُ ثلاث، فإن أُذِنَ لك، وإلا فارجعْ، قال: لَتأْتِيَنَّي على هذا ببينَّة، وإلا فعلتُ وفعلتُ، فذهبَ أبو موسى، قال عمرُ، إن يجد بينَّة تجدوه عند المنبر عَشِيَّة، وإن لم يجدْ بيَّنةَ فلن تجدوه، فلما أن جاء بالعشيِّ وجدوه، فقال: يا أبا موسى، ما تقولُ، أقد وجدت؟ قال: نعم، أُبَيَّ بن كعب، قال: عَدْل، قال: يا أبا الطفيل - وفي رواية: يا أبا المنذر- ما يقول هذا؟ قال سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم ⦗٥٨٢⦘ يقول ذلك، يا ابنَ الخطَّاب، فلا تكونَنَّ عَذاباً على أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: سبحانَ الله: إنما سمعتُ شيئاً فأحببتُ أن أَتَثَبَّتُ» .

وفي رواية الموطأ عن أبي موسى قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «الاستئذانُ ثلاث، فإن أُذِنَ لك فادخلْ، وإلا فارجعْ» .

وأخرج أبو داود نحو رواية مسلم هذه، ورواية مسلم أتَمُّ وأكمل.

وله في أخرى عن أبي موسى بهذه القصة، قال: «فقال عمرُ لأبي موسى: إني لم أتَّهِمْكَ، ولكنِ الحديثُ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- شديدُ» .

وفي رواية للموطأ «أن أبا موسى جاءَ يستأْذنُ على عمر بن الخطاب، فاستأذنَ ثلاثاً، ثم رجع، فأرسل عمرُ بنُ الخطاب في أثره، فقال: ماَلكَ لم تدخل؟ فقال أبو موسى: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: الاستئذانُ ثلاث، فإن أُذِنَ لك فادخلْ، وإلا فارجعْ، فقال عمرُ: مَنْ يعلم هذا؟ لئن لم تأتني بمن يعلمُ ذلك لأفعلنَّ بك كذا وكذا، فخرج أبو موسى حتى جاء مجلساً في المسجد، يقال له: مجلسُ الأنصار، فقال: إني أَخبرتُ عمر بن الخطاب أني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: الاستئذان ثلاث، فإن أُذِنَ لك فادخل وإلا فارجعْ، فقال عمرُ: لئن [لم] تأْتني بمن يعلم هذا لأفعلنَّ بك كذا وكذا، فإن كان سمع ذلك أحد منكم فلْيقُم معي، فقالوا لأبي سعيد الخدري: قُمْ معه ⦗٥٨٣⦘ وكان أبو سعيد أصغرَهم - فقام معه، فأَخبرَ بذلك عمرَ بنَ الخطاب، فقال عمر لأبي موسى: أمَا إني لم أتَّهِمْكَ، ولكني خشيتُ أن يتقَوَّل الناسُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-» .

وفي رواية أخرى لأبي داود «قال فيَّ هذا، فقال عمر لأبي موسى: أما إني لم اتَّهِمْكَ، ولكني خشيت أن يتقَوَّل الناسُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-» . هكذا أخرجه أبو داود بإسناد الموطأ بهذه الرواية (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(ألهاني) اللهو: الشُّغل، وألهاني: شَغَلني.

(الصَّفْق) البيع، وأصله: صَفْق اليد باليد عند عقد البيع.

(بَيِّنَة) البينة: الحجة والشاهد.


(١) أي: فهاتِ البينة.
(٢) رواه البخاري ١١ / ٢٣ في الاستئذان، باب التسليم والاستئذان ثلاثاً، وفي البيوع، باب الخروج في التجارة، وفي الاعتصام، باب الحجة على من قال: إن أحكام النبي صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة، ومسلم رقم (٢١٥٣) في الآداب، باب الاستئذان، والموطأ ٢ / ٩٦٣ و ٩٦٤ في الاستئذان، باب الاستئذان، وأبو داود رقم (٥١٨٠) و (٥١٨١) و (٥١٨٢) و (٥١٨٣) و (٥١٨٤) في الأدب، باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان، والترمذي رقم (٢٦٩١) في الاستئذان والآداب، باب ما جاء في الاستئذان ثلاثاً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
١- أخرجه الحميدي (٧٣٤) وأحمد (٣/٦) والبخاري (٨/٦٧) قال: حدثنا علي بن عبد الله. ومسلم (٦/١٧٧) قال: حدثني عمرو بن محمد بن بكير الناقد. وفي (٦/١٧٨) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. وابن أبي عمر. وأبو داود (٥١٨٠) قال: حدثنا أحمد بن عبدة.
سبعتهم - الحميدي، وأحمد بن حنبل، وعلي، وعمرو، وقتيبة، وابن أبي عمر، وأحمد بن عبدة - عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا يزيد بن خصيفة.
٢- وأخرجه مسلم (٦/١٧٨) قال: حدثني أبو الطاهر، قال: أخبرني عبد الله بن وهب، قال: حدثني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج.
كلاهما - يزيد، وبكير - عن بسر بن سعيد، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها أحمد (٤/٤٠٠) قال: حدثنا يحيى، هو ابن سعيد. والبخاري (٣/٧٢) وفي الأدب المفرد (١٠٦٥) قال: حدثنا محمد بن سلام، قال: أخبرنا مخلد بن يزيد. وفي (٩/١٣٣) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى ومسلم (٦/١٧٩) قال: حدثني محمد بن حاتم، قال: حدثنا يحيى ابن سعيد القطان. (ح) وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عاصم. (ح) وحدثنا حسين بن حريث، قال: حدثنا النضر، يعني ابن شميل. وأبو داود (٥١٨٢) قال: حدثنا يحيى بن حبيب، قال: حدثنا روح.
خمستهم - يحيى، ومخلد، وأبو عاصم، والنضر، وروح - عن ابن جريج قال: حدثني عطاء، عن عبيد الله بن عمير، فذكره.
والرواية الثالثة.
١- أخرجها أحمد (٣/١٩ و ٤/٤١٠، ٤١٨) قال: حدثنا يزيد بن هارون. والدارمي (٢٦٣٢) قال: أخبرنا أبو النعمان، قال: حدثنا يزيد بن زريع. وابن ماجة (٣٧٠٦) قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا يزيد بن هارون.
كلاهما - ابن هارون، وابن زيرع - عن داود بن أبي هند.
٢- وأخرجه أحمد (٤/٣٩٣) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر. والترمذي (٢٦٩٠) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى.
كلاهما - معمر، وعبد الأعلى - عن سعيد الجريري.
٣- وأخرجه أحمد (٤/٤٠٣) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. ومسلم (٦/١٧٨) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا بشر، يعني ابن المفضل. وفي (٦/١٧٩) قال: حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة.
كلاهما - شعبة، وبشر - عن سعيد بن يزيد أبي مسلمة.
٤- وأخرجه مسلم (٦/١٧٩) قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن خراش، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا شعبة، عن الجريري، وسعيد بن يزيد.
ثلاثتهم - داود، والجريري، وأبو مسلمة - عن أبي نضرة، فذكره.
والرواية الرابعة:
١- أخرجها أحمد (٤/٣٩٨) قال: حدثنا أبو نعيم. ومسلم (٦/١٧٩ و ١٨٠) قال: حدثنا حسين بن حريث أبو عمار، قال: حدثنا الفضل بن موسى (ح) وحدثناه عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان، قال: حدثنا علي بن هاشم. وأبو داود (٥١٨١) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الله بن داود.
أربعتهم - أبو نعيم، والفضل، وعلي بن هاشم، وعبد الله بن داود - عن طلحة بن يحيى.
٢- وأخرجه أبو داود (٥١٨٣) قال: حدثنا زيد بن أخزم، قال: حدثنا عبد القاهر بن شعيب، قال: حدثنا هشام، عن حميد بن هلال.
كلاهما - طلحة بن يحيى، وحميد - عن أبي بردة، فذكره.
ورواية الموطأ أخرجها مالك فيه (١٨٦٤) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد من علمائهم، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>