للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٧٨١ - (د) عمرو بن شعيب - رحمه الله - عن أبيه، عن جده قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «المسلمون تتكافأُ دماؤهم، ويسعى بذمَّتهم أدناهم، ويُجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يَرُدُّ مُشِدُّهم على مُضْعِفهم ومُتَسَرِّيهم على قاعدهم، ولا يقتَل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده» . أخرجه أبو داود (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يجير عليهم أقصاهم) يعني أن أبعد المسلمين داراً يجير عليهم ويمنعهم ممن يريدونه إذا كان قد أعطاه بذلك عهداً، وقيل: هو إذا وَجه الإمام سرية فأجاروا أحداً أمضاه.

(يرد مُشِدهم على مُضْعفهم) المشدّ: الذي دوابُّه شديدة قوية، والمضعِف: الذي دوابُّه ضعاف.

(ومُتَسرِّيهم على قاعدهم) المتسرِّي: الذي مضى في السرية إلى قصد العدو، وهم طائفة من الجيش يوجهون في الغزو، والمعنى: أنه يرد على القاعد منهم سهمه من الغنيمة التي يغنمها. ⦗٢٥٦⦘

(لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده) الكافر هاهنا: هو المخالف للإسلام عند الشافعي، حربياً كان أو ذمياً، وهو الظاهر من إطلاق هذا الاسم بلا خلاف في الشرع، وقد خصصه أبو حنيفة بالحربي دون الذمي، فإن من مذهبه: أن المسلم يقتل بالذمي، والشافعي لا يقتله به، قوله: " ولا ذو عهد في عهده " أي ولا مشرك أُعطي أماناً، فدخل دار الإسلام، فلا يقتل حتى يعود إلى مأمنه، وقيل: ولا ذو عهد في عهده بكافر، ومعنى ذلك وبيانه: أن له تأويلين بمقتضى اختلاف المذهبين، أما من ذهب إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقاً، معاهداً كان أو غير معاهد، فهو مذهب الشافعي فإنه حمل اللفظ على ظاهره، ولم يُضمر له شيئاً، فقال: " لا يقتل مسلم بكافر " والكافر من خالف ملة الإسلام، سواء كان مشركاً أم كتابياً، معاهداً أو غير معاهد، وأما قوله: " ولا ذو عهد في عهده " فمعناه عند الشافعي: النهي عن قتل المعاهد، قال: وفائدة ذكره هاهنا - بعد قوله: " ولا يقتل مسلم بكافر " - أي أنه لما نفى القود عن المسلم- إذا قتل الكافر - عقّبه بقوله: " ولا ذو عهد في عهده " لئلا يتوهم منهم أنه قد نفى عنه القود بقتله الكافر، فيظن أن المعاهد لو قتله كان حكمه كذلك، فقال: " ولا يقتل ذو عهدٍ في عهده " ويكون الكلام معطوفاً على ما قبله، منتظماً في سلكه، من غير تقدير شيء، وأما من ذهب إلى أن المسلم يقتل بالذمي - وهو أبو حنيفة - فاحتاج أن يضمر في الكلام ⦗٢٥٧⦘ شيئاً مقدراً، ويجعل فيه تقديماً وتأخيراً، فيكون التقدير: لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر، فكأنه قال: لا يقتل مسلم ولا كافر معاهَد بكافر، فإن الكافر قد يكون معاهداً، وغير معاهد.


(١) رقم (٤٥٣١) في الديات، باب أيقاد المسلم بالكافر، وإسناده حسن.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (٢/١٨٠) (٦٦٩٢) قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق. وفي (٢/٢٠٥) (٦٩١٧) قال: حدثنا موسى بن داود، قال: حدثنا ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث. وفي (٢/٢١٥) (٧٠١٢) قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس وحسين بن محمد، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث يبن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة. وفي (٢/٢١٦) (٧٠٢٤) و (٧٠٢٦) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق. وفيه (٢/٢١٦) (٧٠٢٧) قال: حدثنا يعقوب وسعد، قالا: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، يعني محمدا، قال: حدثني عبد الرحمن بن الحارث. والبخاري في الأدب المفرد (٥٧٠) قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني عبد الرحمن بن الحارث. وأبو داود (١٥٩١) (٢٧٥١) قال: حدثنا قتيبة سعيد، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن إسحاق. وفي (٢٧٥١) و (٤٥٣) قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدثنا هشيم، عن يحيى بن سعيد. وابن ماجة (٢٦٥٩) و (٢٦٨٥) قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الحارث. والترمذي (١٤١٣) قال: حدثنا عيسى بن أحمد، قال: حدثنا ابن وهب، عن أسامة بن زيد. وفي (١٥٨٥) قال: حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا حسين المعلم. وابن خزيمة (٢٢٨٠) قال: حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن إسحاق.
خمستهم - محمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن الحارث، ويحيى بن سعيد، وأسامة بن زيد، وحسين المعلم - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، فذكره.
(شرحالغريب) :
يجير عليهم أقصاهم: يعني أن أبعد المسلمين دارا يجير عليهم ويمنعهم ممن يريدونه إذا كان قد أعطاه بذلك عهدا، وقيل: هو إذا وجه الإمام سرية فأجاروا أحدا أمضاه.
يرد مشدهم على مضعفهم، المشد: الذي دوابه شديدة قوية، والمضعف: الذي دوابه ضعاف.
ومتسريهم على قاعدهم: المتسري: الذي مضى في السرية إلى قصد العدو، وهم طائفة من الجيش يوجهون في الغزو، والمعنى: أنه يرد على القاعد منهم سهمه من الغنيمة التي يغنمها.
لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهد: الكافر هاهنا: هو المخالف للإسلام -عند الشافعي-، حربيا كان أو ذميا، وهو الظاهر من إطلاق هذا الاسم بلا خلاف في الشرع، وقد خصصه أبو حنيفة بالحربي دون الذمي، فإن من مذهبه: أن المسلم يقتل بالذمي، والشافعي لا يقتله به، وقوله: «ولا ذو عهد في عهده» أي ولا مشرك أعطي أمانا، فدخل دار الإسلام، فلا يقتل حتى يعود إلى مأمنه، وقيل: ولا ذو عهد في عهده بكافر، ومعنى ذلك وبيانه: أن له تأويلين بمقتضى اختلاف المذهبين، أما من ذهب إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا، معاهدا كان أو غير معاهد، فهو مذهب الشافعي فإنه حمل اللفظ على ظاهره، ولم يضمر له شيئا، فقال: «لا يقتل مسلم بكافر» والكافر من خالف ملة الإسلام، سواء كان مشركا أو كتابيا، معاهدا أو غير معاهد، وأما قوله: «ولا ذو عهد في عهده» فمعناه عند الشافعي: النهي عن قتل المعاهد، قال: وفائدة ذكره هاهنا، بعد قوله: «ولا يقتل مسلم بكافر» . أي أنه لما نفى القود عن المسلم، إذا قتل الكافر، عقبه بقوله: «ولا ذو عهد في عهده» لئلا يتوهم متوهم أنه قد نفى عنه القود بقتله الكافر، فيظن أن المعاهد لو قتله كان حكمه كذلك، فقال: «ولا يقتل ذو عهد في عهده» ويكون الكلام معطوفا على ما قبله، منتظما في سلكه، من غير تقدير شيء، وأما من ذهب إلى أن المسلم يقتل بالذمي، وهو أبو حنيفة فاحتاج أن يضمر في الكلام شيئا مقدرا، ويجعل فيه تقديما وتأخيرا، فيكون التقدير: لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر، فكأنه قال: لا يقتل مسلم ولا كافر معاهد بكافر، فإن الكافر قد يكون معاهدا، وغير معاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>