للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٨٤٠ - (م د ت) النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال: «ذكَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- الدَّجالَ ذاتَ غَداة، فخفَّضَ فيه ورَفَّع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رُحْنَا إليه عَرَفَ ذلك فينا، فقال: ما شأنكم؟ قلنا: يا رسول الله، ذكرتَ الدجال الغداةَ، فَخَفَّضْتَ فيه، ورفّعتَ، حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: غيرُ الدجال أخوفُني عليكم، إِن يخرجْ وأنا فيكم فأنا حجيجُه دونَكم، وإن يخرجْ ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، إنه شابٌّ قَطَط، عينُه طافئة، كأني أُشَبِّهه بـ «عبد العُزَى بن قَطَن» ، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح (سورة الكهف) ، إِنه خارج خَلَّة بين الشام والعراق، فعاث يميناً، وعاث شمالاً، يا عباد الله، فاثْبُتوا،

قلنا: يا رسول الله، وما لَبْثُهُ في الأرض؟ قال: أربعون يوماً: يوم كسَنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله، فذاك اليوم الذي كسنة: أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدُروا له قَدْره، قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرَته الريحُ، فيأتي على القوم، فيدعوهم فيؤمنون به، ⦗٣٤٢⦘ ويستجيبون له، فيأمر السماء فتُمْطِرُ، والأرضَ فَتُنْبِتُ، فتروح عليهم سارِحَتهم أطولَ ما كانت دَرّاً (١) ، وأسْبَغُه ضُروعاً، وأمَدَّه خَواصِر، ثم يأتي القومَ فيدعوهم، فيردُّون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون مُمْحِلين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويَمُرُّ بالخَرِبة، فيقول لها: أخرِجي كنوزك فَتَتْبَعُه كنوزُها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف، فيقطعه جِزْلَتين، رَمْيَةَ الغَرَض، ثم يدعوه فيقبل، ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك، إذ بعث الله المسيح بن مريم عليه السلام، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مَهْرُودَتين، واضعاً كَفَّيه على أجنحة ملَكين، إذا طأطأ رأسه قَطَر، وإذا رفعه تحدَّر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِه إلا مات، ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طَرْفُه، فيطلبه حتى يدركه بباب لُدٍّ، فيقتله، ثم يأتي عيسى [بن مريم] قومٌ قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدِّثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله عز وجل إلى عيسى بن مريم: إني قد أخرجت عباداً لي، لا يَدانِ لأحد بقتالهم، فَحرِّزْ عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حَدَب يَنْسِلون، فيمرُّ أوائلهم على بحيرة طَبَرِيَّةَ، فيشربون ما فيها، ويمرُّ آخرهم، فيقولون: لقد كان بهذه مرَّةً ماء، ويُحْصَرُ نبيُّ الله عيسى عليه السلام، وأصحابه، حتى يكون رأسُ الثور لأحدهم خيراً من مائةِ دينار، فيَرغبُ نبي ⦗٣٤٣⦘ الله عيسى عليه السلام وأصحابه، فيُرسل الله عليهم النَّغَفَ في رقابهم، فيصبحون فَرْسَى، كموت نَفْس واحدة، ثم يهبط نبيُّ الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضِعَ شِبْر إلا ملأهُ زَهَمُهم ونَتْنُهم، فيرغَبُ نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيراً كأعناق البُخْتِ، فتحملهم فتطرحهم حيثما شاء الله، ثم يرسل الله مطراً لا يَكُنُّ منه بَيْتُ مَدَر ولا وَبَر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلَفَة، ثم يقال للأَرض: أنْبتي ثمرتك، ورُدِّي بركتك، فيومئذ تأكل العصابةُ من الرُّمَّانة، ويستظلُّون بِقِحْفِها، ويبارَك في الرِّسْلِ، حتى إن اللقْحةَ من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللِّقْحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفَخِذ من الناس، فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحاً طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض رُوحَ كلِّ مؤمن ومسلم، ويبقى شرارُ الناس، يتهارجون فيها تهارُج الحُمُرِ، فعليهم تقوم الساعة» .

وفي رواية نحوه، وزاد بعد قوله: «لقد كان بهذه مرة ماء» : «ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمَر - وهو جبل بيت المقدس - فيقولون: لقد قَتَلنا مَنْ في الأرض، هَلُمَّ فلنقتل مَنْ في السماء، فيرمون بِنُشَّابهم إلى السماء، فيردُّ الله عليهم نُشَّابَهم مخضوبة دَماً» أخرجه مسلم.

وأخرجه الترمذي، وزاد في أوله بعد قوله: «في طائفة النخل» ، قال: «فانصرفنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ثم رُحْنا إليه» ، وقال فيه: «عينه قائمة» ⦗٣٤٤⦘ بدل «طافئة» ولم يقل: «خَلَّة» وقال: «فيأتي القوم فيدعُوَهم، فيكذِّبونه ويردُّون عليه قولَه، فينصرف عنهم فتتبعه أموالهم، ويُصبحون ليس بأيديهم شيء، ثم يأتي القومَ فيدعوهم فيستجيبون له ويُصَدِّقونه، فيأمر السماء أن تُمطِر فَتُمْطِر، ويأمر الأرض أن تُنْبِتَ فَتُنْبِت، فتروح عليهم سارحتُهم كأطول ما كانت دَرّاً (٢) ، وأمَدِّه خَوَاصر، وأدَرِّه ضُرُوعاً، ثم يأتي الخَرِبة، فيقول لها: أخرجي كنوزَكِ، فينصرف عنها، فتتبعه كيعاسيب النحل ... وذكر الحديث بنحو ما سبق إلى قوله: لقد كان بهذه مرةً ماء، وقال: ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قَتَلنا من في الأرض، فَهَلُمَّ فلنقتل من في السماء، فيرمون بنُشَّابهم إلى السماء، فيردُّ الله عليهم نُشَّابَهم مُحْمَرّاً دَماً، ويُحاصَر عيسى بنُ مريم وأصحابه حتى يكون رأسُ الثور يومئذ خيراً لهم من مائة دينار لأحدكم اليوم ... » وذكر الحديث، وقال: «قد ملأتْهُ زَهمَتُهم ونَتْنُهم ودِماؤهم، قال: فيرغب عيسى إلى الله وأصحابه فيرسل الله عليهم طيراً كأعناقِ البُخْت، فتحملهم فتطرحهم بالمَهْبَلِ، ويستوقِدُ المسلمون من قِسِيِّهم ونُشّابهم وجِعابهم سَبْعَ سنين، ويرسل الله عليهم مطراً لا يَكُنُّ منه بيتُ وبر ولا مدر، فَيَغْسِل الأرضَ فيتركها كالزَّلَفة، قال: ثم يقال للأرض: اخرجي ثمرتَك، وردِّي بركتَكِ، فيومئذ تأكلُ العصابة الرُّمَّانة، ويستظلُّون بقِحفِها، ويبارك في الرِّسْلِ ⦗٣٤٥⦘ حتى إن الفئام من الناس ليكتفون باللِّقحة من الإبل، وإن القبيلة ليكتفون باللقحة من البقر، وإن الفخذ ليكتفون باللقحة من الغنم، فبينما هم كذلك، إذ بعث الله عليهم ريحاً، فقبضت روح كل مؤمن، ويبقى سائر الناس يتهارجون كما يتهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة» .

وأخرجه أبو داود مُختصراً، قال: «ذكر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- الدجال، فقال: إِن يخرجْ وأنا فيكم فأنا حجيجُه دونَكم، وإن يخرجْ ولستُ فيكم، فامرُؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كلِّ مسلم، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، فإنَّها جِوارُكم من فتنته، قلنا: وما لَبْثُهُ في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، فقلنا: يا رسول الله، هذا اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: لا، اقْدُروا له قدره، ثم ينزل عيسى عند المنارة البيضاء شرقي دِمشق، فيدركه عند باب لُدّ، فيقتله» .

قال أبو داود: وحدثنا عيسى بن محمد، قال: حدثنا ضمرة عن الشيباني عن عمرو بن عبد الله عن أبي أمامة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- نحوه (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(طائفة النخل) ناحيته وجانبه، والطائفة: القطعة من الشيء. ⦗٣٤٦⦘

(الحجيج) : المحاجج، وهو المجادل والمخاصم الذي يطلب الحجة، وهي الدليل.

(القطط) : الشعر الجعد.

(طافئة) الحبة الطافئة من العنب: هي التي قد خرجت عن حدّ نباتِ أخواتها في العنقود ونتأت، قال الخطابي: مرَّ عليَّ زمان وأنا أعتقد أن معنى قوله: «كأنها عِنَبةٌ طافئة» أنه الحبة من العنب التي تسقط في الماء فيدخلها الماء، فتنتفخ فتطفو على الماء، إلى أن وقفت عليه في موضع أنه الحبة التي تخرج عن حَد أخواتها، والذي وقع له رحمه الله مُناسب. قوله: " إنه خارج خَلة " أي: أنه يخرج قصداً وطريقاً بين الجهتين والتخلُّل: الدخول في الشيء.

(فَعاثَ) العيث: أشد الفساد.

(أقدروا له) أي: قدروا قدر يوم من أيامكم المعهودة، وصلّوا فيه كل يوم بقدر ساعاته.

(سارحتهم) السارحة: الماشية، لأنها تسرح إلى المرعى.

(الممحل) : الذي قد أجدبت أرضه وقحطت وغلت أسعاره.

(درّاً) الدَّر: اللبن، وإنما يكثر بالخصب وكثرة المرعى.

(يعاسيب) جمع يعسوب، وهو فحل النحل ورئيسها. ⦗٣٤٧⦘

(جِزلتين) الجزلة بالكسر: القطعة.

(الغَرض) : الهدف الذي يُرمى بالنشاب.

(مهرودتين) رويت هذه اللفظة بالدال والذال، يقال: إن الثوب إذا صبغ بالورس ثم بالزعفران، جاء لونه مثل زهرة الحوذانة، فذلك الثوب مهرود، وقيل: أراد بالمهرود: الثوب المصبوغ بالهُرْد، وهو صبْغ أصفر، قيل: إنه الكُرْكم، وقيل أراد في شُقتَّين من الهرد، وهو القطع.

(جُمان) جمع جمانة، وهي حبة تؤخذ من النقرة، كاللؤلؤة، وقد يُطلق على اللؤلؤ مجازاً.

(لا يَدَانِ لأحَدٍ بقتالهم) يقال: مالي بهذا الأمر يدان، أي: لا أقدر عليه وأنا عاجز عنه، كما يقال: لا طاقة لي به، لأن المباشرة والدفاع إنما يكون باليد، فكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه.

(فحرِّز) أي: احرز واحفظ واجعلهم في الحرز.

(الحدَب) : الأكمة والمرتفع من الأرض. و «ينسلون» أي يسرعون.

(النغف) : دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدها: نَغَفَة.

(فَرْسَى) جمع فريس، وهو القتيل.

(الزهمة) : الريح المنتنة، والزَهَم: مصدر زهمَتْ يده من ريح اللحم.

(المدر) : طين قد استحجر، والمراد به: البيوت المبنِيَّةُ دون الخيام. ⦗٣٤٨⦘

(الزَّلَفة) المرآة، وجمعها زُلَف، وقيل: هي المُضْغَة من الماء، فمن شبهها بالمرآة: أراد لاستوائها ونظافتها، ومن شبهها بالمضغة: أراد امتلاءها من الماء، والأول أشبه لسياق الحديث.

(العصابة) : الجماعة من الناس قبل أن يبلغوا أربعين.

(القِحْفُ) للرأس: معروف. والمراد به في الحديث: قشر الرمّانة.

(رِسْل) الرِّسْل بكسر الراء: اللَّبَنُ.

(لِقحة) اللِّقحة: الناقة التي يكون لها لبن.

(الفئام) : الجماعة من الناس.

(الفخذ) من الناس: دون القبيلة.

(التهارج) : الاختلاف والاختلاط، وأصله، القتل.


(١) كذا في الأصول المخطوطة، والمطبوع: دراً، من الدر، وهو اللبن، وفي نسخ مسلم المطبوعة: ذراً، جمع ذروة.
(٢) في نسخ الترمذي المطبوعة: ذراً، جمع ذروة.
(٣) رواه مسلم رقم (٢٩٣٧) في الفتن، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، وأبو داود رقم (٤٣٢١) و (٤٣٢٢) في الملاحم، باب خروج الدجال، والترمذي رقم (٢٢٤١) في الفتن، باب ما جاء في فتنة الدجال.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (٤/١٨١) قال: حدثنا الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي بمكة إملاء. ومسلم (٨/١٩٦ و ١٩٧ و ١٩٨) قال: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب. قال: حدثنا الوليد بن مسلم. (ح) وحدثني محمد بن مهران الرازي. قال: حدثنا الوليد بن مسلم. (ح) وحدثني علي بن حجر السعدي. قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر والوليد بن مسلم. قال ابن حجر دخل حديث أحدهما في حديث الآخر. وأبو داود (٤٣٢١) قال: حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي المؤذن. قال: حدثنا الوليد. وابن ماجة (٤٠٧٦) قال: حدثنا هشام بن عمار. قال: حدثنا يحيى بن حمزة. والترمذي (٢٢٤٠) قال: حدثنا علي بن حجر. قال: أخبرنا الوليد بن مسلم وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر دخل حديث أحدهما في حديث الآخر. والنسائي في عمل اليوم والليلة (٩٤٧) وفي فضائل القرآن (٤٩) قال: أخبرنا علي بن حجر. قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر والوليد بن مسلم.
ثلاثتهم - الوليد، وعبد الله بن عبد الرحمن، ويحيى بن حمزة - عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبيه، فذكره.
* وأخرجه ابن ماجة (٤٠٧٥) قال: حدثنا هشام بن عمار. قال: حدثنا يحيى بن حمزة. قال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير. قال: حدثني أبي، فذكره. ليس فيه يحيى بن جابر الطائي.
* الروايات مطولة ومختصرة. وهذا لفظ مسلم (٨/١٩٧) وزاد علي بن حجر في روايته بعد قوله: لقد كان بهذه مرة ماء «ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس. فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما» .
(*) ورواية بن ماجه (٤٠٧٦) مختصرة على: «سيوقد المسلمون، من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>