للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٤٣ - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ أبا بكرٍ بَعثَه في الحجَّةِ التي أمَّرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قَبْل حَجَّةِ الوَداعِ، في رَهْطٍ يُؤذِّنُون في النَّاس يوم النَّحر: أن لا يَحُجَّ (١) بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيت ⦗١٥٣⦘ عُرْيانٌ.

وفي رواية: ثم أرْدَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَلِيِّ بن أبي طالب، فأمرهُ أن يُؤذِّن بـ «براءة» ، فقال أبو هريرة: فأذَّن معنا في أهل مِنى ببراءة: أن لا يَحُجَّ بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ.

وفي رواية: ويومُ الحجِّ الأكبر: يومُ النَّحْر، والحجُّ الأَكْبرُ: الحجُّ، وإنما قيل: الحجُّ الأكبر، من أَجلِ قول النَّاسِ: العمرةُ: الحجُّ الأصغَرُ، قال: فَنَبَذَ أبو بكرٍ إلى الناس في ذلك العام، فلم يحُجَّ في العام القابل الذي حَجَّ فيه النبي صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوداع مُشْرِكٌ.

وأنزل الله تعالى في العام الذي نَبَذَ فيه أبو بكر إلى المشركين {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما المُشْرِكونَ نَجَسٌ فلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحرَامَ بعدَ عَامِهِمْ هذا وإنْ خِفْتُمْ عَيْلة فَسوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ ... } الآية [التوبة: ٢٨] وكان المشركون يُوَافُون بالتجارة، فينتفعُ بها المسلمون، فلما حَرَّمَ الله على المشركين أنْ يقرَبوا المسْجِدَ الحرامَ، وجَدَ ⦗١٥٤⦘ المسلمون في أنفسهم مما قُطِعَ عليهم من التجارة التي كان المشركون يُوَافُون بها، فقال الله تعالى: {وإنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فسَوْفَ يُغنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه إنْ شاء} ثم أحلَّ في الآية التي تَتْبعُها الجِزْيةَ، ولم [تكن] تُؤخَذْ ُقبْلَ ذلك، فجعلها عوضاً ممَّا مَنَعُهم من موافاة المشركين بتجاراتهم، فقال عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ باللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الحقِّ مِنَ الذينَ أُوتُوا الكِتاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُم صَاغِرُون} [التوبة: ٢٩] فلما أحلَّ الله عز وجل ذلك للمسلمين: عَرَفُوا أَنَّهُ قد عاضَهُم أفْضَل مما خافوا ووَجَدُوا عليه، مما كان المشركون يُوافُون به من التجارة. هذه رواية البخاري ومسلم (٢) .

وفي رواية أبي داود، قال: بعثني أبو بكرٍ فيمن يُؤذِّنُ يومَ النَّحْرِ بمنى: أن لا يَحُجَّ بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيت عريانٌ، ويومُ الحجِّ الأكبر: يومُ النحر، والحجُّ الأكبر: الحجُّ.

وفي رواية النسائي مثل رواية أبي داود، إلى قوله: «عُرْيانٌ» .

وله في رواية أخرى، قال أبو هريرة: جِئتُ مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة، قيل: ما كنتم تنادونَ؟ قال: كُنَّا ننادي: إنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة، ولا يطوَفنَّ بالبيت عرْيانٌ، ومن ⦗١٥٥⦘ كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عَهدٌ، فأجَلُهُ - أو أمَدُه - إلى أربعةِ أشهر، فإذا مَضتِ الأربعةُ الأشهر، فإنَّ الله بَريءٌ من المشركين ورسولُهُ، ولا يَحُجُّ بعد العام مشركٌ، فكنت أُنادي حتى صَحِلَ صوتي (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(رهط) الرهط: الجماعة من الرجال: ما بين الثلاثة إلى التسع، ولا تكون فيهم امرأة.

(يؤذن) الإيذان: الإعلام.

(نبذ) الشيء إذا ألقاه، ونبذت إليه العهد، أي: تحَّللتُ من عهْده.

(عَيْلة) العَيْلَةُ: الفَقْر والفاقة.

(الجزية) : هي المقدار من المال الذي تعقد للكتابي عليه الذمة.

(وجد المسلمون) وجد الرجل يجد: إذا حزن.

(عَاضَهم) عضت فلاناً كذا: إذا أعطيته بدل ما ذهب منه.

(صَحل) الصحل في الصوت: البحة.


(١) قال الحافظ في " الفتح " ٨ / ٢٢٥: ألا يحج - بفتح الهمزة وإدغام النون في اللام، قال الطحاوي – [١٥٣]- في " مشكل الآثار " هذا مشكل، لأن الأخبار في هذه القصة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث أبا بكر بذلك، ثم أتبعه علياً، فأمره أن يؤذن، فكيف يبعث أبو بكر أبا هريرة ومن معه بالتأذين، مع صرف الأمر عنه في ذلك إلى علي؟
ثم أجاب بما حاصله: أن أبا بكر كان الأمير على الناس في تلك الحجة بلا خلاف، وكان علي بن أبي طالب هو المأمور بالتأذين بذلك، وكأن علياً لم يطق التأذين بذلك وحده، واحتاج إلى من يعينه على ذلك، فأرسل معه أبو بكر أبا هريرة وغيره ليساعدوه على ذلك، ثم ساق من طرق المحرر بن أبي هريرة عن أبيه قال: كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، فكنت أنادي معه بذلك حتى يصحل صوتي ... فالحاصل: أن مباشرة أبي هريرة لذلك كانت بأمر أبي بكر، وكان ينادي بما يلقيه إليه علي مما أمر بتبليغه.
(٢) الرواية الأخيرة " وأنزل الله تعالى في العام القابل الذي نبذ فيه أبو بكر إلى المشركين ... " إلى هنا، ليست في البخاري ومسلم، ولعلها من زيادات الحميدي، وقد ذكرها السيوطي في " الدر المنثور " ٣ / ٢٢٧، ٢٢٨ بنصها، ونسبها لابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) البخاري ١ / ٤٠٣ في الصلاة في الثياب، باب ما يستر من العورة، وفي الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان، وفي الجهاد، باب كيف ينبذ إلى أهل العهد، وفي المغازي، باب حج أبي بكر بالناس، وفي تفسير سورة براءة، باب قوله: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} ، وباب قوله: {وأذان من الله ورسوله} ، وباب قوله: {إلا الذين عاهدتم من المشركين} ، ومسلم رقم (١٣٤٧) ، باب لا يحج البيت مشرك، وأبو داود رقم (١٩٤٦) ، وإسناده صحيح، في الحج، باب يوم الحج الأكبر، والنسائي ٥ / ٢٣٤، وإسناده صحيح، في الحج، باب قوله عز وجل: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (١/١٠٣) قال: حدثنا إسحاق. قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب. وفي (٢/١٨٨) ، قال: حثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث. قال: قال يونس. وفي (٤/١٢٤) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شعيب. وفي (٥/٢١٢) ، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع. قال: حدثنا فليح. وفي (٦/٨١) قال: حدثنا سعيد بن عفير. قال: حدثني الليث. قال: حدثنثي عقيل. وفي (٦/٨١) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. قال: حدثنا الليث. قال: حدثني عقيل. وفي (٦/٨١) قال: حدثنا إسحاق. قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا أبي، عن صالح. و «مسلم» (٤/١٠٦) قال: حدثني هارون بن سعيد الأيلي. قال: حدثنا ابن وهب. قال: أخبرني عمرو. (ح) وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس و «أبو داود» (١٩٤٦) ، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، أن الحكم بن نافع حدثهم قال: حدثنا شعيب. و «النسائي» (٥/٢٣٤) قال: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي، عن صالح، و «ابن خزيمة» (٢٧٠٢) قال: حدثنا عيسى ابن إبراهيم الغافقي. قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث.
سبعتهم -محمد بن عبد الله بن أخي ابن شهاب، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وفليح بن سليمان، وعقيل بن خالد، وصالح بن كيسان، وعمرو بن الحارث -عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، فذكره.
* الروايات مطولة ومختصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>