للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٥٣٠ - (خ م ت س) عائشة - رضي الله عنها- «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- كان يسأل في مرضه الذي مات فيه، يقول: أيْنَ أنا غداً - يريدُ يومَ عائشةَ - فأَذِن له أزواجُه أن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشةَ حتى مات عندها، قالت عائشةُ: فمات في اليوم الذي كان يدور عَلَيَّ فيه في بيتي، فقبضه الله عز وجل وإنَّ رأسَه لَبَيْنَ نَحْري وسَحْري، وخالَط رِيقُه رِيقي، دخل عبد الرحمن بن أبي بكر، ومعه سواك يَستَن به، فنظر إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقلت له: أعْطِني هذا السواك يا عبد الرحمن، فأعطانيه، فقضمتُهُ، ثم مضغتُه، ⦗٦٣⦘ فأعطيتُه رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- فاستَنَّ به وهو مستَنِد إلى صَدْرِي» هذا لفظ حديث البخاري، وهو أكملها.

وفي رواية: «إنْ كان ليتفقَّد في مرضه، يقول: أينَ أنا اليوم؟ أين أنا غداً؟ استبطاءً ليوم عائشةَ، فلما كان يومي قبضه الله بين سَحري ونَحري» .

وفي أخرى «ودُفِنَ في بيتي» .

وأخرجه البخاري قالت: «دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، وأنا مُسْنِدَتُهُ إلى صَدري، ومع عبد الرحمن سِواك رَطْب يَسْتَنُ به، فأَبَدَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بَصَرَه، فأخَذتُ السِّواكَ، فقضمتُه وطَيَّبْتُهُ، ثم دَفَعْتُهُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، فاستنَّ به، فما رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يَستنُّ استناناً أحسنَ منه، فما غدا أن فَرغَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- رَفَع يده - أو إصبعه - ثم قال: في الرفيق الأعلى - ثلاثاً - ثم قَضَى، وكانت تقول: مات بين حاقِنتي وذاقِنَتي» .

وفي أخرى: قالت: «ماتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وإنَّه لَبَيْنَ حاقنتي وذاقنتي، فلا أكره شِدَّة الموت لأحد أبداً بعد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-» .

وفي أخرى: «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه، ويقول: أين أنا غداً؟ حِرْصاً على بيت عائشةَ، قالت عائشةُ: فلما كان يومي سكن» .

وفي أخرى: قالت: «تُوفيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في بيتي وفي يومي، وبين ⦗٦٤⦘ سَحْري ونحري، وكانت إحدانا تُعَوِّذُهُ بدعاءٍ إذا مَرِض، فذْهبتُ أُعَوِّذه، فرفع رأسه إلى السماء، وقال: في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى، ومرَّ عبد الرحمن بنُ أبي بكر وفي يده جريدةٌ رَطْبة، فنظر إليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فظننتُ أنَّ له بها حاجة، فأخذتُها فمضغتُ رأسها ونفضتُها، فدفعتُها إليه، فاستنَّ بها كأَحسن ما كان مُسْتنّاً، ثم ناولنيها، فسَقَطَتْ يده - أو سقطت من يده - فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا، وأوَّل يوم من الآخرة» .

وفي أخرى نحوه، إلا أنَّه قال: قالت: «دخل عبد الرحمن بسواك، فضعف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- عنه، فمضغتُه، ثم سَنَنْتُه به» .

وفي أخرى: أنَّ عائشةَ كانت تقول: «إنَّ من نِعَم الله عليَّ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- تُوُفِّي في بيتي ويومي، وبين سَحْري ونحْري، وأنَّ الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، دخل عليَّ عبد الرحمن وبيده سواك وأنا مسندة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-، فرأيتُه ينظر إليه، وعَرَفْتُ أنَّه يُحِبُّ السَّواك، فقلتُ: آخذُه لك؟ فأشار برأسه: أنْ نعم، فتناوله، فاشتَدَّ عليه، فقلتُ: أُلَينُه لك؟ فأشار برأسه: أنْ نعم، فَلَيَّنْتُهُ، فأمَرَّه وبين يديه ركوةٌ، أو عُلبة - شك الراوي - فيها ماء، فجعل يُدخِلُ يديه في الماء، فيمسح بهما وجهه، يقول: لا إله إلا الله، إنَّ للموتِ سَكَرات، ثم نَصَبَ يده، فجعل يقول: في الرفيق الأعلى، حتى قُبِض - صلى الله عليه وسلم-، فمالت يده» . ⦗٦٥⦘

وقد أخرج الترمذي من هذا الحديث بطوله طَرَفاً قال: قالت: «رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- وهو بالموت، وعنده قدَح فيه ماء، وهو يُدخِلُ يده في القدَح ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: اللهم أعنِّي على غَمَراتِ الموتِ، وسكراتِ الموتِ» .

وله طرف آخر، قالت: «ما أغبِطُ أحداً بِهَوْنِ موتٍ بعد الذي رأيتُ من شِدَّةِ موتِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-» .

وأخرج النسائي منه طرفاً، قالت: «ماتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بين حاقِنتي وذاقِنتي، ولا أكره شِدَّةَ الموتِ لأحد أبداً بعدما رأَيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم-» (١) .

⦗٦٦⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يمرَّض) مرَّضتُ العليل: إذا عالجتَهُ وداريتَهُ.

(أوكيتهنَّ) الأوكية: جمع وِكاءٍ، وهو ما تُشَدُّ به القِربةُ من خيطٍ ونحوه.

(مِخْضَب) المخضَب كالإجَّانة.

(سَحْراً) السَّحْر: الرِّئَةُ، وأرادت: أنه مات عندها في حِضنها.

(لينوء) ناء بالشيء ينوءُ: إذا نهضَ به.

(عُكُوف) العُكوف: جمع عاكف، وهو المقيم في المكان الملازِم له.

(رقيق) رجل رقيق، أي ضعيف لَيِّن الجانب.

(يَسْتَنُّ) الاستنان: التّسوُّك بالسواك.

(فقصمته) القصم بالصاد المهملة: الكسر، يقال: قصمتُ الشيء: إذا كسرتَه، والقضم بالضاد المعجمة: مِنْ قَضْم الدابة شعيرها، يقال: قَضَمتِ الدابة شعيرها، والفصم بالفاء والصاد المهملة: أن يتصدَّع الشيء من غير تبيُّنٍ، فإذا بان: فهو بالقاف والصاد المهملة. قال الحميدي: والذي في حديث عائشة أقرب إلى القضم - بالقاف والضاد المعجمة - لأنه مضغٌ وتليين لما اشتد من السواك، والفصم بالفاء والصاد المهملة، قريب من ذلك، قال: والذي رويناه: فبالقاف والضاد المعجمة، والله أعلم بما قالتْه، أو بما قاله الراوي عنها. ⦗٦٧⦘ قلت: ومما يدل على صحة ما رواه الحميديُّ: أنه قد جاء في باقي الروايات «فمضغته» وفي أخرى: «أُلَيِّنُه؟» وهو بمعنى القضم، بالقاف والضاد المعجمة.

(أبَدَّه) بالباء المعجمة بواحدة، أي مدّه إليه كأنه أعطاه بَدَّة من بصره، وهي النَّصيب والحظُّ.

(الرفيق الأعلى) : الأنبياء الذين يسكنون أعلى علِّيين، وهو اسم جاء على فعيل، ومعناه: الجماعة.

(حاقنتي وذاقنتي) الحاقنة: ما سفل من البطن، والذاقنة: طرف الحلقوم الناتئ، وقيل: الحاقنة: المطمئن من الترقوة والحلق، والذاقنة: نُقْرَةُ الذَّقن.

(رَكوة - علبة) قال الأزهريُّ: الرَّكوة: شبه تَوْرٍ من أدم، وجمعها: رِكاء، والعلبة: مخلب من جلد، قاله الجوهري، كالقدح يحلب فيه.


(١) رواه البخاري ٨ / ١٠٦ في المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الوضوء، باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة، وفي الجماعة، باب حد المريض أن يشهد الجماعة، وباب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة، وباب من قام إلى جنب الإمام لعلة، وباب إنما جعل الإمام ليؤتم به، وباب من أسمع الناس تكبير الإمام، وباب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم، وباب إذا بكى الإمام في الصلاة، وفي الهبة، باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها، وفي الجهاد، باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهن، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي الطب، باب اللدود، وفي الاعتصام، باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع، ومسلم رقم (٤١٨) في الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر، والترمذي رقم (٩٧٨) و (٩٧٩) في الجنائز، باب ما جاء في التشديد عند الموت، والنسائي ٤ / ٦ و ٧ في الجنائز، باب شدة الموت.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (٦/١٥) و (٨/١٣٣) قال: حدثني محمد بن عبيد بن ميمون. قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن عمر بن سعيد. قال: أخبرني ابن أبي مليكة، أن أبا عمرو ذكوان مولى عائشة أخبره، فذكره.
(*) وأخرجه أحمد (٦/٤٨) قال: حدثنا إسماعيل. قال: أخبرنا أيوب. وفي (٦/١٦٠) قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري. قال: حدثنا محمد بن شريك. والبخاري (٤/٩٩) قال: حدثنا ابن أبي مريم. قال: حدثنا نافع. وفي (٦/١٦) قال: حدثنا سليمان بن حرب. قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب.
ثلاثتهم - أيوب، ومحمد بن شريك، ونافع بن عمر الجمحي - عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، فذكرته. ليس فيه ذكوان مولى عائشة.
(*) الروايات مطولة ومختصرة.
وأخرجه أحمد (٦/٢٠٠) قال: حدثنا إبراهيم بن خالد. قال: حدثنا رباح، عن معمر. والبخاري (٢/٥ و ١٢٨ و ٦/١٦ و ٧/٤٤) قال: حدثنا إسماعيل. قال: حدثني سليمان بن بلال. وفي (٢/١٢٨) قال: حدثني محمد بن حرب. قال: حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا. وفي (٥/٣٧) قال: حدثني عبيد بن إسماعيل. قال: حدثنا أبو أسامة. ومسلم (٧/١٣٧) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: وجدت في كتابي: عن أبي أسامة.
أربعتهم - معمر، وسليمان، وأبو مروان، وأبو أسامة - عن هشام بن عروة. قال: أخبرني أبي، فذكره.
وأخرجه أحمد (٦/٢٧٤) قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي. والنسائي في الكبرى «الورقة ٩٢ -ب» قال: أخبرني محمد بن وهب الحراني. قال: حدثنا محمد بن سلمة.
كلاهما - إبراهيم بن سعد، والد يعقوب، ومحمد بن سلمة - عن ابن إسحاق، قال: حدثني يعقوب بن عتبة، عن الزهري، عن عروة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>