للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٩١٩ - (خ د س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - «أن أباه تُوفِّي وترك عليه ثلاثين وَسْقاً لرجل من اليهود، فاستنظره جابر، فأبى أن يُنْظِره، فكلّم جابر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ليشفع إليه، فجاءه رسول الله، فكلَّم اليهوديَّ ليأخذ ثمر نخله بالذي له، فأبى، فدخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- النخل، فمشى فيها، ثم قال لجابر: جُدَّ له، فأوفِ الذي له، فجَدَّه بعد ما رجع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فأوفاه ثلاثين وَسْقاً، وفَضَلَتْ له سبعة عشر وسقاً، فجاء جابر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ليخبره بالذي كان، فوجده يصلِّي العصر، فلما انصرف أخبره بالفَضْل، فقال: أخبر بذلك ابنَ الخطاب، فذهب جابر إلى عمر فأخبره، فقال عمر: لقد عَلمتُ حين مشى فيها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- لَيُبَارَكَنّ فيها» .

وفي رواية قال: «تُوُفِّي أبي وعليه دَيْنٌ، فعرضتُ على غُرَمائه أن يأخذوا التمر بما عليه، فأبَوا، ولم يَرَوْا أنَّ فيه وَفاء، فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم-، فذكرت ذلك له، فقال: إذا جَدَدته فوضعته في المِرْبَد آذِنِّي، فلما جَدَدْتُه ⦗٣٦٩⦘ ووضعتُه في المربد آذنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فجاء ومعه أبو بكر وعمر، فجلس عليه ودعا بالبركة فيه، ثم قال: ادعُ غرماءك فأوفهم، فما تركتُ أحداً له دَيْنٌ على أبي إلا قضيته، وفَضَلَ ثلاثة عشر وسقاً: سبعة عجوة، وستة لون - أو ستة وسبعة - فوافيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- المغرب، فذكرت ذلك له، فضحك، وقال: ائتِ أبا بكر وعمر فأخبرهما فأخبرتُهما، فقالا: لقد علمنا إذْ صَنَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما صنع أن سيكون» .

وقال في رواية: «صلاة العصر» وفي رواية «صلاة الظهر» .

وفي أخرى قال: «تُوُفِّي عبد الله بن عمرو بن حَرام وعليه دَيْنٌ، فاستعنتُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- على غرمائه أن يَضَعوا من دَيْنِهِ، فطلب إليهم، فلم يفعلوا، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم-: اذهب، فَصَنِّف تمرك أصنافاً: العجوة على حِدَة، وَعذق زيد على حدة، ثم أرسِلْ إلَيَّ، ففعلت، ثم أرسلتُ إليه، فجلس على أعلاه - أو في وسطه - ثم قال: كِلْ للقوم، فَكِلتُ لهم، حتى أوفيتهم الذي لهم، وبقي تمري كأنه لم ينقص منه شيء» . وفي رواية «فما زال يَكِيلُ لهم حتى أَدَّى» .

وفي أخرى نحوه، وفيه زيادة، قال جابر: «أُصِيبَ عبد الله، وترك عيالاً ودَيناً، فطلبتُ إلى أصحاب الدَّيْن أن يَضَعوا بعضاً، فأبوا، فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم- فاستشفعت به عليهم، فأبوا، فقال: صَنِّف تمرك، كلَّ شيء على ⦗٣٧٠⦘ حدة، ثم أحضرهم، حتى آتيَك، ففعلت، ثم جاء فقعد معه، وكال لكل رجلٍ حتى استوفى، وبقي التمر مكانه، كأنه لم يُمَسّ، وغزوتُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- على ناضح لنا، فأزحَفَ الجمل، فتخلَّف عليَّ، فوكَزَهُ ... ثم ذكر نحو ما تقدَّم من أمر الجمل، وبيعه وسؤاله عَمَّا تزوَّج، وجوابه وإتيانه أهلَهُ، ولوم خاله له ... وفي آخره: فلما قدم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- غَدَوْتُ إليه بالجمل، فأعطاني ثمن الجمل، والجملَ وسَهْمي مع القوم» .

وفي أخرى «أنَّ أباه استُشْهِد يوم أحد، وترك سِتَّ بنات، وترك عليه دَيناً، فلما حضر جِداد النخل أتيت فقلت: يا رسولَ الله، قد علمتَ أن وَالِدي استُشهد يوم أحد وترك دَيناً كثيراً، وأُحِبُّ أن يراك الغرماء، فقال: اذهب فَبْيدِر كلَّ تمرٍ على ناحية، ففعلت، ثم دعوته، فلما رأوه أُغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون طاف حول أعظمها بَيْدراً، ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: ادعُ أصحابك، فما زال يكيل لهم، حتى أدَّى الله أمانة والدي، وأنا والله راضٍ أن يؤدِّيَ الله أمانة والدي ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة، فَسَلَّم الله البيادر كُلَّها، حتى إني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- كأنه لم ينقص تمرةً واحدة» .

وفي أخرى: «أن أباه توفي وعليه دَيْن، قال: فأتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فقلت: إن أبي ترك عليه دَيناً، وليس عندي إلا ما يُخرِج نخلُه، ولا يبلغ ⦗٣٧١⦘ ما يخرج سنتين ما عليه، فانطلِقْ معي لكيلا يُفحِشَ عليَّ الغرماء، فمشى حول بَيْدر من بيادر التمر، فدعا، ثم أخَّر، ثم جلس عليه، فقال: تمزَّعوه، فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل ما أعطاهم» .

وفي أخرى: «أن أباه قتل يوم أحُد شهيداً، فاشتد الغرماء في حقوقهم، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- فكلّمته، فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي، ويُحَلِّلوا أبي، فأبوْا، فلم يعطهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حائطي، ولم يكسره لهم، ولكن قال: سأغدو عليك، فغدا علينا حين أصبح، وطاف في النخل، ودعا في ثمرها بالبركة، فجدَدْتُها، فقضيتهم حقوقهم، وبقي لنا من ثمرنا بقية، ثم جئت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- فأخبرته بذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لعمر وهو جالس: اسْمَعْ يا عمر، فقال عمر: ألَاّ يكون قد علمنا أنك رسولُ الله، والله إنك لرسول الله» هذه روايات البخاري. وفي رواية أبي داود «أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وَسْقاً لرجل من اليهود، فاستنظره جابر فأبى، فكلّم جابر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ليشفع له إليه، فجاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فكلَّم اليهوديَّ ليأخذ ثمر نخله بالذي له عليه فأبى عليه فكلَّمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يُنْظِرَه ... وساق الحديث» كذا ذكره أبو داود، وأخرج النسائي معظم روايات البخاري. وله في أخرى قال: «كان ليهودي على أبي تمر، فقتل يوم أحد، وترك ⦗٣٧٢⦘ حديقتين، وتمرُ اليهوديِّ يستوعب ما في الحديقتين، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: هل لك أن تأخذ العام نصفَه، وتؤخِّر نصفه؟ فأبى اليهوديُّ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: هل لك أن تأخذَ الجداد؟ فأبى، قال: فآذِّني، فآذنته، فجاء هو وأبو بكر، فجعل يُجَدّ ويُكال من أسفل النخل، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يدعو بالبركة، حتى وفَينا جميع حقه من أصغَرِ الحديقتين، ثم أتيتهم برطبٍ وماءٍ فأكلوا وشربوا، ثم قال: هذا من النعيم الذي تُسألون عنه» (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فاستنظرَه) الاستنظار: طلبُ التأخير إلى وقت آخر، وأنظرتُه: أخَّرتُه.

(الجداد) : قطع ثمر النخل، وهو الصرام.

(على حدة) : منفرداً، يعني كل جنس وحده.

(عَذْق زيد) : نوع من التمر بالمدينة معروف، وكذلك اللِّيْنَة والعجوة، وقيل: «اللِّينة، واللون» واحد الألوان، وهو عند أهل المدينة: ⦗٣٧٣⦘ كل تمر ليس بعجوة، وقيل: «اللينة» جميع النخل من غير استثناء، والأول أشبه.

(المِربد) : موضع التمر الذي يُجْمَع فيه.

(البَيْدَرة) : جمع الثمرة في البَيْدر، وهو المكان الذي تجمع فيه قبل نَقْلِها إلى البيوت، وكذلك موضع الغَلَاّت يسمى بَيْدراً.

(أغريت) فلاناً بفلان: إذا حملته على قصده، والمراد: أنهم لَجُّوا في مطالَبَتي وألَحَّوا.

(تمزَّعوه) أي: تفرَّقوه واقتسِموا.


(١) رواه البخاري ٤ / ٢٨٨ في البيوع، باب الكيل على البائع والمعطي، وفي الاستقراض، باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز، وباب إذا قاص أو جازفه في الدين تمراً بتمر أو غيره، وباب الشفاعة في وضع الدين، وفي الصلح، باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة في ذلك، وفي الوصايا، باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة، وفي الأنبياء، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي المغازي، باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} ، والنسائي ٦ / ٢٤٥ و ٢٤٦ في الوصايا، باب قضاء الدين قبل الميراث، وأبو داود رقم (٢٨٨٤) في الوصايا، باب ما جاء في الرجل يموت وعليه دين وله وفاء.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١- أخرجه البخاري (٣/١٥٤) قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا أنس. وأبو داود (٢٨٨٤) قال: حدثنا محمد بن العلاء، أن شعيب بن إسحاق حدثهم. وابن ماجة (٢٤٣٤) قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: حدثنا شعيب بن إسحاق. كلاهما - أنس، وشعيب - عن هشام بن عروة.
٢- وأخرجه البخاري (٣/٢٤٥) قال: حدثني محمد بن بشار. والنسائي (٦/٢٤٦) قال: أخبرنا محمد بن المثنى. كلاهما - ابن بشار، وابن المثنى - عن عبد الوهاب، قال: حدثنا عبيد الله.
كلاهما - هشام، وعبيد الله - عن وهب بن كيسان، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>