للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صفيَّة رضي الله عنها

٨٩٥٠ - (خ م د س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- خيبر، فَلَما فتح الله عليه الْحِصْنَ ذُكِرَ له جمالُ صفية بنتِ حُيَيِّ بن أخطَب، وقد قُتِلَ زوجها، وكانت عروساً، فاصطفاها رسولُ الله ⦗٤١٤⦘ صلى الله عليه وسلم- لنفسه، فخرج بها حتى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوحاء، فبنَى بها، ثم صنع حَيْساً في نِطَعٍ صغير، ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: آذِنْ من حَولَكَ، فكانت تلك وليمةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- على صَفية، ثم خرجنا إلى المدينة، قال: فرأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يُحَوِّي لها وراءه بعَباءة، ثم يَجْلِسُ عند بعيره فيضع ركبته، فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب» .

وفي رواية «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- صلى الصبح [قريباً من خيبر] بغَلَس، ثم ركب، فقال: الله أكبر، خَرِبَت خيبر، إنا إذا نَزَلنا بساحةِ قومٍ فساء صباحُ المنذَرين، فخرجوا يَسْعَون في السِّكك، ويقولون: محمد والخميس - قال: والخميس: الجيش - فظهر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عليهم، فقتل المقاتلة، وسبى الذراريَّ، فصارت صفية لدِحْية الكَلْبي، وصارت لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- ثم تزوجها، وجعل عِتْقَهَا صداقَها، فقال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد، أنت سألت أنساً ما مَهَرَها؟ قال: أمهرها نَفْسَها، فتبسم» . زاد في رواية: «فحرك ثابت رأسه، تصديقاً له» . أخرجه البخاري ومسلم.

وللبخاري قال: «سَبَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- صفية، فأعتقها وتزوجها، فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: نَفْسَها فأعتقها» .

وفي أخرى له: «أن صفية كانت في السبي، فصارت إلى دِحية، ثم ⦗٤١٥⦘ صارت إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-» .

وفي أخرى له: «أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- أقام على صفية بنت حُيَيِّ بطريق خيبر ثلاثة أيام، حتى أعْرَس بها، وكانت فيمن ضُرِبَ عليها الحجاب» .

زاد في رواية: «فأصبنا من لحوم الْحُمُرِ، فنادى منادي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-: إنَّ الله ورسولَه يَنْهيانِكم عن لحوم الحمر، فإنها رِجْس» . ومنهم من قال: عنه «فإنها رجس، أو نَجَس» وأن المنادي «كان أبو طلحة» .

وفي رواية لمسلم عن أنس: «كنتُ رِدف أبي طلحة يوم خيبر، وقَدَمي تَمَسّ قدم النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، قال: فأتينا حين بَزَغَتِ الشمس، وقد أخرجوا مواشيهم، وخرجوا بفؤوسهم ومكاتلهم ومرورهم، فقالوا: هذا محمد والخميس، قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: خربت خيبر، إنا إِذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذَرين، وقال: وهَزَمَهم الله، ووقعت في سهم دحية جاريةٌ جميلة، فاشتراها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بسبعة أَرْؤُس، ثم دفعها إلى أُمِّ سُلَيم تُصَنِّعُها وتُهيِّئُها، قال: وأحسبه قال: وتعتدُّ في بيتها، وهي صفية بنت حيي، قال: فجعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وَليمتها التمر، والأقِطَ والسمن، فَحُصَت الأرض أفاحيصَ، وجيء بالأنطاع، فوضعت فيها، وجيء بالأقِطِ والسمن، فشبع الناس، قال: وقال الناسُ: لا ندري: أتزوجها، أم اتخذها أُمَّ ولد؟ فقالوا: ⦗٤١٦⦘ إن حَجَبها فهي امرأته، وإن لم يحجُبْها فهي أُمُّ ولد، فلما أراد أن يركب حَجَبها، فقعدت على عَجُز البعير، فعرفوا أنه قد تزوجها، فلما دَنَوْا من المدينة دفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ودفعنا، قال: فعثرتِ الناقة العَضباء، ونَدَر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وندرت، فقام فستَرها، وقد أشرفت النساءُ، فقلن: أبعدَ الله اليهودية، قال: قلت: يا أبا حمزة، أوقَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: إِي والله لقد وقع، قال أنس: وشهدتُ وليمةَ زينبَ، فأشبع الناسَ خبزاً ولحماً، وكان يبعثني فأدعو الناس، فلما فرغ قام وتبعتُه، وتخلَّفَ رجلان أستأنس بهما الحديث لم يخرُجَا، قال: فجعل يمرُّ على نسائه، فيسلِّمُ على كل واحدةٍ منهن: سلامٌ عليكم، كيف أنتم يا أهل البيت؟ فيقولون: بخير يا رسولَ الله، كيف وجَدْتَ أهلك؟ فيقول: بخير، فلما فرغ رجع، ورجعت معه، فلما بلغ الباب إذا هو بالرجلين قد استأنس بهما الحديث، فلما رأياه قد رجع قاما فخرجا، فوالله ما أدري: أنا أخبرته، أم أُنزل عليه الوحي بأنهما قد خرجا؟ فرجع ورجعتُ معه، فلما وضع رجله في أُسْكُفَّة الباب أرخَى الحجاب بيني وبينه، وأنزل الله عز وجل {لا تدخلوا بيوتَ النبيِّ إِلا أن يُؤذَن لكم ... } الآية [الأحزاب: ٥٣] » .

وفي أخرى له قال: «صارت صفية لدحية في مَقْسَمِهِ، وجعلوا يمدحونها عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، ويقولون: ما رأينا في السبي مثلها، قال: فبعث ⦗٤١٧⦘ إلى دِحْية، فأعطاه بها ما أراد، ثم دفعها إلى أُمِّي، فقال: أصلحيها، ثم خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من خيبر، حتى إِذا جعلها في ظهره نزل، ثم ضرب عليها القُبَّةَ، فلما [أصبح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-] قال: مَن كان عنده فَضْلُ زادٍ فليَأتِنا به، قال: فجعل الرجلُ يجيء بفضل التمر وفَضْل السَّويق، حتى جعلوا من ذلك سواداً حَيْساً، فجعلوا يأكلون من ذلك الحَيْس، ويشربون من حياضٍ إلى جنبهم من ماءِ السماء، قال: فقال أنس: فكانت تلك وليمةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- عليها، قال: فانطلقنا حتى إذا رأينا جُدُرَ المدينة هَشِشْنَا إليها، فرفَعْنا مَطِيَّنَا، ورفَع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مطيَّتَه، قال: وصفيةُ خَلْفَه قد أردفها، قال: فعثَرتْ مطِيَّةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فَصُرِعَ وصُرِعَتْ، قال: فليس أحدٌ من الناس ينظر إليه ولا إِليها، حتى قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فَسترها، قال: فأتيناه، فقال: لم نُضَرَّ، قال: فدخلنا المدينة، فخرج جواري نسائه يتراءَيْنَها ويَشْمَتْنَ بصَرْعتها» .

وأخرج أبو داود طرَفاً من ذلك، قال: «صارت صفيةُ لدحيةَ الكلبي ثم صارت لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-» . وفي رواية قال: «وقع في سهم دِحيةَ جاريةٌ جميلة، فاشتراها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بسبعة أرْؤُس، ثم دفعها إلى أُمِّ سُليم تُصنِّعُها وتُهيِّئُها - قال حماد: وأحسبه قال: وتعتدُّ في بيتها - وهي صفية بنت حُيَي» . ⦗٤١٨⦘ وأخرج النسائي الرواية الثانية من أفراد البخاري. وله في أخرى قال: «أقام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بين خيبر والمدينة ثلاثاً يَبْنِي بصفيةَ بنتِ حُيَيٍّ، فدعوتُ المسلمين إلى وليمته، فما كان فيها من خبز ولا لحم، أمر بالأنطاع فأُلقِيَ عليها من التمرِ والأقِطِ والسَّمن، فكانت وليمتَه، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين، أو ما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبْها فهي مما ملكت يمينه، فلما ارتحل وطّأ لها خلفَه، ومدّ الحجاب بينها وبين الناس» . وهذه الرواية قد أخرجها البخاري أيضاً، وقد ذُكِرَت في «كتاب الطعام» من حرف الطاء (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الحَوِيَّة) : كساء يعمل حول سَنام البعير ليركب عليه، وكذلك إن عمل على كَفَله ليردف الراكب وراءه أحداً يركب عليه ليتمكن من الركوب. ⦗٤١٩⦘

(بزغت الشمس) : طلعت.

(مكاتلهم) جمع مِكْتل، وهو الزِّنبيل.

(فُحِصَت) الأرض: كُشفت، وجعل فيها موضع، ومنه مَفْحص القطاة.

(العضباء) : اسم ناقة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، ولم تكن عضباء، فإن العَضَب شَق أذن الناقة، ولم تكن مشقوقة الأذن.

(نَدَر) من ظهر الدابة: إذا سقط عنها بغتة.

(هَشِشْنا) للأمر: فرحنا به وسررنا برؤيته.

(فَصُرِعَ) صُرِعَ الرجل عن ظهر الدابة: إذا سقط عنها.


(١) رواه البخاري ١ / ٤٠٤ و ٤٠٥ في الصلاة، باب ما يذكر في الفخذ، وفي الأذان، باب ما يحقن من الدماء، وفي صلاة الخوف، باب التكبير والغلس بالصبح، وفي الجهاد، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والنبوة، وباب التكبير عند الحرب، وفي الأنبياء، باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر، وفي المغازي، باب غزوة خيبر، ومسلم رقم (١٣٦٥) في النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها، وفي المغازي، باب غزوة خيبر، وأبو داود رقم (٢٩٩٦) و (٢٩٩٧) و (٢٩٩٨) في الخراج والإمارة، باب ما جاء في سهم الصفي، والنسائي ٦ / ١٣١ - ١٣٤ في النكاح، باب البناء في السفر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٣/١٠١ و ١٨٦) والبخاري (١/١٠٣) . وقال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم ومسلم (٤/١٤٥) (٥/٢١٨٥) قال: حدثنا زهير بن حرب.
وأبو داود (٢٩٩٨) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم وفي (٣٠٠٩) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم وزياد بن أيوب والنسائي (٦/١٣١) .
قال: أخبرنا زياد بن أيوب. وفي الكبرى تحفة الأشراف (٩٩) عن إسحاق بن إبراهيم. وابن خزيمة (٣٥١) قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم.
أربعتهم - أحمد. يعقوب وزهير. وزياد- عن إسماعيل بن إبراهيم بن ملكية.
٢- أخرجه أبو داود (٢٩٩٨ و ٣٠٠٩) قال: حدثنا داود بن معاذ. قال: حدثنا عبد الوارث.
كلاهما - إسماعيل. وعبد الوراث - عن عبد العزيز بن صهيب. فذكره.
* الروايات مطولة ومختصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>