للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٢٥٩ - (خ) عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: «لما وقف الزبير يوم الجملِ دعاني، فقمتُ إلى جنبه، فقال: يا بُنَيَّ، إنَّه لا يُقتَلُ اليومَ ⦗٦٣٧⦘ إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أُراني إلا سأُقْتَلُ اليومَ مظلوماً، وإن من أكبر هَمِّي لَدَيْني، أفترى دَينُنا يُبقي من مالنا شيئاً؟ ثم قال: يا بُنَيَّ، بِعْ مالَنا، واقضِ ديني، وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه - يعني لبني عبد الله - قال: فإن فضل شيء من مالنا بعد قضاء الدَّيْن، فثلثه لولدِكَ، قال عبد الله بن الزبير: فجعل يوصيني بِدَيْنِهِ، ويقول: يا بنيَّ، إن عجزتَ عن شيء منه فاستعن بمولاي، قال: فوالله ما دَرَيْت ما أراد، حتى قلتُ: يا أبتِ مَنْ مَولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعتُ في كُربة من دَيْنه إلا قلت: يا مولى الزبير، اقضِ عنه دَيْنَه، قال: فقُتل الزبير، ولم يَدَعْ دِيناراً ولا دِرهماً إلا أرَضِين، منها: الغابة، وإِحدى عشرة داراً بالمدينة، ودارين بالبصرة، وداراً بالكوفة، وداراً بمصر، قال: وإنما كان دَينُه الذي كان عليه: أنَّ الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكن هو سَلَف، فإني أخشى عليه الضَّيْعَة، وما وَلي إمارةً قَطُّ، ولا جِبايةً، ولا خراجاً، ولا شيئاً، إلا أن يكون في غَزْو معَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، أو مع أبي بكر وعمر وعثمان، قال عبد الله بن الزبير: فحسِبْتُ ما كان عليه من الدَّيْن، فوجدته ألفَيْ ألف، ومائتي ألف، قال: فلقي حَكيمُ بن حِزام عبد الله بن الزبير، فقال: يا ابن أخي كم على أخي من الدَّيْن؟ قال: فكتمته، وقلت: مائة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالُكم تَسَعُ هذه، قال: فقال عبد الله: أرأيتَكَ إن كانت ألفي ألف ⦗٦٣٨⦘ ومائتي ألف؟ قال: ما أُراكم تطيقون هذا، فإن عَجَزْتُم عن شيء منه فاستعينوا بي، وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان له على الزبير شيء فليُوافِنا بالغابة، قال: فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم، قال عبد الله: لا، قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخِّرون إن أخَّرتم، فقال عبد الله: لا، قال: فاقطعوا لي قِطْعَة، فقال عبد الله: لَكَ من هاهنا إلى هاهنا، قال: فباع عبد الله منها، فقضى دَينَه وأوفاه، وبقي منها أربعةُ أسهم ونصف، قال: فَقَدِم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان، والمنذر بن الزبير، وابنُ زَمعة، قال: فقال له معاوية: كم قُوِّمَتِ الغابة؟ قال: كلُّ سَهْم مائة ألف، قال: كم بقي منها؟ قال: أربعة أسهم ونصف، فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت منها سهماً بمائة ألف، وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهماً بمائة ألف، وقال ابن زَمعة: قد أخذت سهماً بمائة ألف، فقال معاوية: كم بقي؟ قال: سهمٌ ونصف، قال: قد أخذته بخمسين ومائة ألف، قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبَهُ من معاوية بستمائة ألف، قال: فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دَيْنه، قال بنو الزبير: اقْسمْ بيننا ميراثنا، قال: [لا] واللهِ لا أقْسِمُ بينكم حتى أُنادي بالموسم أربع سنين: ألا مَنْ كان له على الزبير دَينٌ فليأتنا فلْنَقضهْ، قال: فجعل كلَّ سَنَةٍ ينادي في الموسم، فلما ⦗٦٣٩⦘ مضى أربع سنين قسم بينهم، ودَفع الثلثَ، قال: وكان للزبير أربعُ نسوَة، فأصاب كلَّ امرأةٍ ألفُ ألفٍ ومائتا ألف، قال: فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف» أخرجه البخاري (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الموسم) : زمن مقدم الحجيج مكة.


(١) ٦ / ١٦٠ - ١٦٣ في فرض الخمس، باب بركة الغازي في ماله.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري في صحيحه (٣١٢٩) قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم، قال: قلت لأبي أسامة: أحدثكم هشام بن عروة، عن أبيه عن عبد الله بن الزبير؟ قال: فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>