للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} (١) دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًا، وفاطمة، وحسنًا، وحسينًا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي» (٢) .

ولكن لا دلالة فيه على الإمام ولا على الأفضلية فقد شرك عليًا فيه فاطمة، والحسن، والحسين، فعلم أن ذلك لا يختص بالرجال ولا بالذكور ولا بالأئمة، بل شركه فيه المرأة والصبي؛ فإن الحسن والحسين كانا صغيرين وقت المباهلة. وإنما دعا هؤلاء لأنه أمر أن يدعو كل واحد الأقربين والأبناء والنساء والأنفس، فدعا الواحد من أولئك أبناءه ونساءه وأخص الرجال به نسبًا، وهؤلاء أقرب إلى النبي نسبًا، وإن كان غيرهم أفضل منهم عنده، فلم يؤمر أن يدعو أفضل أتباعه؛ لأن المقصود أن يدعو كل واحد منهم أخص الناس به لما في جبلة الإنسان من الخوف عليه وعلى ذي رحمه الأقربين إليه. وقوله {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} أي رجالنا ورجالكم، أي الرجال الذين هم من جنسنا في الدين والنسب، والرجال الذين هم من جنسكم. والمراد التجانس في القرابة فقط، وكون علي تعين للمباهلة؛ إذ ليس في الأقارب من يقوم مقامه (٣) لا يوجب أن يكون مساويًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من الأشياء، بل لا يكون أفضل من سائر الصحابة مطلقًا؛ بل له بالمباهلة نوع فضيلة، وهي مشتركة بينه وبين فاطمة، وحسن وحسين (٤) .


(١) سورة آل عمران: ٦١.
(٢) مسلم (٢٤٠٤) .
(٣) لأنه لم يكن قد بقي من أعمامه إلا العباس، والعباس لم يكن من السابقين الأولين، ولا كان له به اختصاص كعلي، وأما بنو عمه فلم يكن فيهم مثل علي، وكان جعفر قد قتل قبل ذلك (ابن تيمية) .
(٤) منهاج جـ٤/ ٣٤ جـ٣/١١، جـ٢/١٢٥، ١٢٦.

<<  <   >  >>