للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وشبه كلا منهما بنبيين]

لما استشار أبا بكر وأشار بالفداء، واستشار عمر فأشار بالقتل (١) . قال - صلى الله عليه وسلم -: «سأخبركم عن صاحبيكم: مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) ومثل عيسى إذ قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٣) . ومثلك يا عمر مثل نوح إذ قال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} (٤) . أو مثل موسى إذ قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} (٥) ولم يعب واحدًا منهما بما أشار عليه به؛ بل مدحه وشبهه بالأنبياء؛ فشبه أبا بكر بإبراهيم وعيسى في لينه في الله، وشبه عمر بنوح وموسى في شدته في الله (٦) (٧) .


(١) في قصة أسارى بدر كما تقدم في صحيح مسلم عن ابن عباس.
(٢) سورة إبراهيم: ٣٦.
(٣) سورة المائدة: ١١٨.
(٤) سورة نوح: ٢٦.
(٥) سورة يونس: ١٨٨.
(٦) منهاج جـ٤/ ٨٨، ٢١٤.
(٧) قال في مجمع الزوائد وعن عبد الله قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما تقولون في هذه الأسرى؟» قال: فقال أبو بكر رضوان الله عليه: يا رسول الله قومك وأهلك استفدهم، واستأدهم، لعل الله أن يتوب عليهم. قال: وقال عمر: يا رسول الله أخرجوك وكذبوك قربهم فاضرب أعناقهم، وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله انظر واد كثير الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرمه عليهم نارًا. قال: فقال العباس: قطعت رحمك. قال فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يرد عليهم. فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر. وقال ناس يأخذ بقول عمر، وقال ناس يأخذ بقول ابن رواحة، قال فخرج عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة وإن مثلك يا أبا بكر ... » الحديث (مجمع الزوائد ٦/ ٨٦، ٨٧) . وصحيح مسلم رقم (١٧٦٣) .

<<  <   >  >>