للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومع ذلك؛ صحح ابن القيم -في "الزاد" (٢/ ٢١٤) - الموصولَ.

الثاني: عن صفية بنت شيبة -ولها رؤية، وفي "البخاري" التصريح بسماعها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-. قال ميمون بن مهران:

دخلت على صفية بنت شيبة -عجوز كبيرة- فسألتها: أتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ميمونة وهو محرم؟ فقالت: لا والله؛ لقد تزوجها وإنهما لحلالان!

أخرجه ابن سعد (٨/ ١٣٣) -عن عبيد الله بن عمرو-، والبيهقي (٧/ ٢١١) -عن معمر-، كلاهما عن عبد الكريم عنه.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبد الكريم: هو ابن مالك الجَزَرِيّ الحَرَّانِيُّ.

وللحديث شواهد أخرى مرسلة أيضًا؛ فلا مجال لترجيح أحد الحديثين على الآخر من حيث الإسناد.

ولذلك؛ فالتعارض بينهما شديد، ولا سبيل إلى التوفيق بينهما؛ إلا إن ثبت ما ذكره الحافظ في "الفتح" (٩/ ١٣٦):

أن ابن عباس كان يرى أن من قلد الهدي يصير محرمًا، كما تقدم تقرير ذلك عنه في (كتاب الحج)، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كان قَلَّدَ الهدي في عمرته تلك التي تزوج فيها ميمونة، فيكون إطلاقه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ تزوجها وهو محرم؛ أي: عقد عليها بعد أن قَلَّدَ الهدي؛ وإن لم يكن تلبَّس بالإحرام، وذلك أنه كان أرسل إليها أبا رافع يخطبها، فجعلت أمرها إلى العباس.

قلت: فإن صح أن هذا هو مراد ابن عباس؛ زال التعارض وثبت الحديثان؛ وإلا فلا مناص من القول بتوهيم ابن عباس، ومن قال بقوله. وقد صرح بتوهيمه سعيد ابن المسيب، كما يأتي في الكتاب بعده، وهو قول جمهور أهل النقل، كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>