للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حسبما ذكرته والدته - في شهر ذي القعدة عام ١٠١٧ هـ (فبراير/ شباط ١٦٠٩ م) في مدينة إستانبول، حيث كانت دارهم أيضًا. وهو بحسب قوله: "قسطنطيني المولد والدار". وعمل والده في قسم الـ (أندرون) (١) بالسراي العثماني، ثم "خرج" منه بوظيفة ملحقة بزمرة السلحدارية (٢)، وقنعت نفسه بتلك الوظيفة، فكان يشارك في الحروب والأسفار وكان على دين وخلق مواظبًا على مجالس العلماء والشيوخ، حتى إن ليله كان يقضيه في العبادة. ولما بلغ ابنه الخامسة أو السادسة من عمره اتخذ له معلمًا يعلمه القرآن وتجويده، هو الإمام عيسى خليفة القريمي، فتعلم على يديه قراءة القرآن والمقدمة الجزرية في التجويد، كما تعلم مبادئ الصلاة. ثم أسمعه بعد ذلك ما قرأه عليه وحفظه في دار القراء التي تعرف باسم مؤسسها مسيح باشا بإستانبول وتعلم أيضًا على يدي زكريا علي إبراهيم أفندي، ونَفَس زاده مصطفى أفندي (٣)، واكتفى بحفظ نصف القرآن.

وقرأ بعد ذلك كتابي التصريف والعوامل على إلياس خوجه، وتعلم الخط على يدي الخطاط أحمد جلبي الأحدب (بوكرى) (٤). ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره بدأ والده يمنحه مصروفًا يوميًا قدره أربعة عشر درهما من راتبه، ثم اصطحبه إلى جانبه. وعلى هذا النحو انخرط للعمل مساعدًا (شاكرد) في "قلم محاسبة الأناضول" أحد أقلام الديوان الهمايوني (٥) (١٠٣٢ هـ / ١٦٢٢ - ١٦٢٣ م). وهناك تعلم مبادئ الحساب من أحد خلفاء القلم، وتعلم معها الأرقام وخط "السياقت" (٦) فأجاده حتى تقدم على أستاذه، أي "الخليفة" نفسه. ولما غادر الجيش إستانبول عام ١٠٣٣ هـ / ١٦٢٣ - ٢٤)


(١) الأندرون: هو القسم الداخلي في السراي العثماني، وبمثابة المدرسة التي تقوم في إطار نظام محكم على تنشئة فئات مختلفة ممن سيعملون في وظائف الدولة.
(٢) السلحدارية: مجموعة من كبار الضباط الذين يحتفظون بأسلحة السلطان في القصر ويحملونها له عند خروجه إلى الحرب.
(٣) انظر: فذلكة ١/ ١٩٤ وما بعدها، وذيل الشقائق، ٤٥٨ وما بعدها، ومستقيم زاده، مجلة النصاب، مكتبة حالت أفندي، رقم ٦٢٨، ٤٢٦ أ.
(٤) انظر: أحمد الأحدب في تحفة الخطاطين، نشر: تاريخ عثماني انجمني، ص ٩٨.
(٥) الديوان الهمايوني: هو الهيئة التنفيذية العليا التي تتولى إدارة شؤون الدولة في شتى المجالات تحت رئاسة الصدر الأعظم.
(٦) نوع من الخط لا يستخدم التنقيط، ويأخذ شكلًا رمزيًا لا يعرفه إلّا من تعاطوه. وقد استخدمه العثمانيون بوجه خاص في شئون الحسابات والمالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>