للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أنّ الإجماع واقعٌ على تلقِّي كتابيهما بالقبول والتسليم إلا ما انتقد عليهما. والجواب عن ذلك على الإجمال: أنه لا ريب في تقديم الشَّيخَيْن على أئمة عصرهما ومن بعده (١) في معرفة الصَّحيح والعِلل، وقد روى الفَرَبري عن البخاري أنه قال: ما أدخلتُ في "الصَّحيح" حديثًا إلّا بعد أن استخرتُ الله تعالى وثَبَت صحته. وكان مُسْلِمٌ يقول: عرَضتُ كتابي على أبي زرعة، فكلما أشار إلى أنّ له عِلَّةً تركتُه. فإذا عُلم هذا أو تقرّر أنهما لا يُخْرِجان من الحديث إلّا ما لا عِلَّة له، أوله علة إلا أنها غير مؤثرة. وعلى تقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون كلامه معارِضًا لتصحيحهما. ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما فيندفع الاعتراضُ من حيثُ الجُملةُ والتَّفْصِيلُ في محله (٢). ثم اعلم أنه قد التزم مع صحة الأحاديث استنباط الفوائد الفقهية والنُّكتِ (٣) الحكميَّة، فاستخرج بفَهْمِه الثاقب من المتون معاني كثيرةً فَرَّقها في أبوابه بحسب المناسبة، واعتنى فيها بآيات الأحكام، وسَلَك في الإشارات إلى تفسيرها السُّبلَ الوَسِيعة، ومن ثمّ أخلَى كثيرًا من الأبواب ذكر إسناد الحديث واقتصر على قَوْله: فلان عن النَّبي ﵇، وقد يَذْكُر المتن بغير إسناد، وقد يُورده متعلقًا (٤) لقضد الاحتجاج لما ترجم له، وأشار للحديث لكونه معلومًا أو سبق قريبا، ويقع في كثير من أبوابه أحاديث كثيرة وفي بعضها حديث واحد وفي بعضها آيةٌ من القُرآن فقط وفي بعضها لا شيء فيه.


(١) أي بعد عصرهما. وقد غيرها ناشرا م إلى: "بعدهما" ولم يدركا المراد.
(٢) جاء في حاشية النسخة تعليق للمؤلف نصه: "ذكر الخطابي في شرحه أنَّ هذا الكتاب مشتمل على صعاب الأحاديث وعضل الأخبار في أنواع العلوم المختلفة التي قد خلا عن أكثرها غيره إذ كان غرضه ذكر ما صح عن رسول الله ﷺ من حديث في جليل من العلم أو دقيق".
(٣) في الأصل: "والنكتة".
(٤) هكذا بخط المؤلف، ويريد: "مُعَلّقًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>