للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كشف الظنون (١):

عني المسلمون منذ وقت مبكر بتأليف الكتب الخاصة برصد المؤلفات التي عني العلماء بتأليفها، لكنها قليلة جدا قياسًا بما ألفوا في مجالات العلم الأخرى، وأول ما نشير إليه هو كتاب "الفهرست في أخبار العلماء المصنفين من القدماء والمُحْدَثين وأسماء ما صنفوه من الكتب"، لأبي الفرج محمد بن أبي يعقوب إسحاق النديم المتوفى سنة ٣٨٠ هـ والذي يُعد أول كتاب منظم يُعْنَى بذكر المؤلفات المدونة إلى زمانه، وهو جهد متقدم ومتميز في تلك الأعصر يُسَجَّل بعنوان الفخر في تاريخ الفكر العربي الإسلامي، بل في تاريخ الفكر الإنساني عامة (٢).

وفي المئة السابعة قام مؤرخ العراق الكبير تاج الدين علي بن أنجب البغدادي المعروف بابن السّاعي خازن الكتب في المدرسة المستنصرية ببغداد والمؤرخ الموسوعي الكبير (٥٩٣ - ٦٧٤ هـ) بتأليف كتابه "الدر الثمين في أسماء المصنفين" الذي وصلت إلينا قطعة منه حققها صديقنا العلامة أحمد شوقي بنبين ومحمد سعيد حنشي. ومع أنه كتاب تراجم، لكن مادته الأساسية والغرض منه هو رصد المؤلفات التي "كانت تزخر بها الخزانة العربية الإسلامية من درر ونفائس ونوادر أكثر منه كتاب تراجم … ولو وصل إلينا الكتاب كاملا لوقفنا على مزيد من المترجمين ومن المؤلفات التي فات ذكرها الكثير من معاصريه والذين جاءوا بعده" (٣).

وإذا استثنينا هذين الكتابين فإن أحدًا قبل حاجي خليفة لم يفكر بمثل هذا العمل العلمي الراصد لحركة التراث الإسلامي. نعم، نجد في كتب التراجم ومعجمات الشيوخ والمشيخات والفهارس والأثبات الكثير من أسماء الكتب المؤلفة في فنون شتى، لا سيما تلك التي تُروى فيجتمع طلبة العلم لسماعها، ومن ثم روايتها، لكن ما فكر به هذا العالم العثماني المتنوّر هذا الكم الكبير من المؤلفات يُعَدُّ نقلة بجمع نوعية وتفكيرًا متقدمًا لذكر أمهات الكتب المؤلفة وما جرى عليها من شروح أو


(١) من هنا إلى نهاية المقدمة كتبه بشار عواد معروف.
(٢) نشرته مؤسسة الفرقان بتحقيق صديقنا الدكتور أيمن فؤاد سيد (لندن ٢٠٠٩ م).
(٣) من مقدمة العلامة أحمد شوقي بنبين لما نشره من الكتاب / ٦٠ (ط. الأولى ٢٠٠٧ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>