للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمّا العَرَضُ الغريب، وهو ما يَلْحق الماهيّة بواسطة أمر عجيب إمّا خارج عنها أعمّ منها، أو أخص، فالعلوم لا تبحثُ عنه، فلا ينظر المهندس في أنَّ الخَطَّ المُستدير أحسن أو المستقيم، ولا في أنَّ الدّائرة نظير الخَطّ المُستقيم أو ضِدّه؛ لأنَّ الحُسْنَ والتَّضاد غَريب عن مَوْضُوع عِلْمه، وهو المقدار، فإنَّهما يَلْحق (١) المِقْدار، لا لأنه مِقْدار، بل لوَصْفٍ أعمّ منه، كوجوده أو كعدم وجوده. وكذا الطَّبيبُ لا يَنْظُرُ فِي أَنَّ الجُرْحَ مستدير أم غيرَ مُستدير؛ لأن الاستدارة لا تَلْحَقُ الجسم من حيثُ هو جَريحٌ بل لأمرٍ أعم منه، كما مر، وإذا قال الطبيب هذه الجراحة مستديرة والدَّوائر أوسعُ الأشكالِ فيكون بطيء البُرْء، لم يكن ما ذَكَرَهُ من عِلْمه.

ثم اعلم أنَّ موضوعَ عِلْم يجوز أن يكون موضوع علم آخر، وأن يكونَ أخَصّ منه أو أعم، وأن يكونَ مُباينا عنه، ولكن يَنْدَرِجان تحتَ أمرٍ ثالث وأن يكونَ مُباينًا له غير مُنْدَرجين تحتَ ثالث لكن يَشْتَركان بوَجْهٍ دونَ وَجْهٍ، ويجوز أن يكونا مُتباينين مُطْلَقًا، فهذه ستة أقسام:

الأول: أن يكون موضوع عِلْم عَيْن موضوع عِلْمٍ (٢) آخر، فيُشْتَرط أن يكونَ كُلٌّ منهما مُقَيَّدًا بقيد غيرَ قَيْدِ الآخر، وذلك كأجرام العالم، فإنَّها من حيثُ الشَّكل موضوعُ الهيئة، ومن حيثُ الطَّبيعة موضوعٌ لعِلْمِ السَّماء والعالم من الطبيعي، فافترقا بالحيثيتين.

ثم إن اتفق أبحاث بعض المسائل فيها بالموضوع والمَحْمُول فلا بأسَ. إذ يختلفُ بالبراهين؛ كقولهم بأنّ الأرضَ مستديرة، وهي وسط السَّماء في


(١) هكذا بخط المصنف، والأصح: "يلحقان".
(٢) سقطت هذه اللفظة من م، وهي ثابتة بخط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>