للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومؤداها (١) واحد فإنَّ (٢) ما يكونُ في حَدَّ ذاته آلةً لتحصيل غَيْرِه لا بد أنْ يكونَ مُتَعَلِّقًا بكيفية عَمَل، وما يَتعلّق بكيفية عَمَل لا بُدَّ أن يكونَ في نفسِه آلةٌ لتحصيل غيره (٣). فقد رَجَع معنى الآلي إلى معنى العَمَلي، وكذا ما لا يكون آلةً له كذلك لم يَكُن متعلّقًا بكيفية عَمَل، وما لم يَتَعلَّق بكيفيةِ عَمَل لم يَكُن في نَفْسِه آلةً لغيرِه، فقد رَجَع معنَى النَّظَري وغير الآلي إلى شيءٍ واحدٍ. ثم النَّظَرِي (٤) والعَمَلي يُسْتَعملان في معانٍ ثلاثة:

أحدها في تقسيم مُطلَق العُلوم كما ذكرنا، فالمَنْطِقُ والحِكْمةُ العملية والطِّبُّ العَمَلي وعلمُ الخياطة كُلُّها داخلةٌ في العَمَلي المذكور؛ لأنَّها بأسرها متعلقة بكيفية عَمَل؛ إمّا ذهني كالمنطق، أو خارجي كالطب مثلا.

وثانيها: في تقسيم الحِكْمة فإنَّهم بعدما عَرَّفُوا الحِكْمَةَ بِأَنَّهُ عِلْمٌ بأحوالِ أعيان المَوْجُودات على ما هي عليه في نَفْس الأمْرِ بقدر الطاقة البشرية، قالوا: تلك الأعيان، أما الأفعال والأعمال التي وجودها بقُدْرَتنا واختيارنا أولا فالعِلْمُ بأحوال الأوّل من حيثُ يؤدّي إلى صلاح المَعَاشِ والمَعَادِ يُسَمَّى حِكْمَة عَمَليّة، والعِلْمُ بأحوالِ الثّاني يُسَمَّى حكمة نَظَرِيَة.

وثالثها: ما ذُكِرَ في تقسيم الصِّناعة، أي: العِلْم المتعلق بكيفية العمل من أنَّها إمّا عَمَليّة، أي: يتوقف حُصُولُها على مُمارسة العَمَل، أو نظرية لا يتوقف حصولها عليها، فالفقه والنَّحوُ والمنطق والحِكْمة العملية والطب العَمَلي


(١) شطح قلم المؤلف فكتب "وموادهما".
(٢) في م: "فأما"، والمثبت من خط المؤلف.
(٣) قوله: "لا بد أن يكون متعلقًا بكيفية عمل، وما يتعلق بكيفية عمل لا بد أن يكون في نفسه آله لتحصيل غيره" سقط كلّه من م.
(٤) في م: "ثم إن النظري"، و "إن" لا وجود لها بخط المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>