للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموضوع كالطِّب فإنَّ موضوعَهُ بَدَنِ الإنسان، والتفسير فإنَّ موضوعَهُ كلامُ الله، ولا خَفَاء في شَرَفهما.

ومنه (١) ما هو بحَسَب الغاية كعِلم الأخلاق، فإنَّ غايته معرفةُ الفَضائل الإنسانية.

ومنها ما هو بحَسَب الحاجة إليه كالفقه فإنَّ الحاجة إليه ماسة.

ومنها ما هو بحسب وثاقة الحجة كالعلوم الرياضية فإنها برهانية.

ومن العلوم ما يَقْوَى شَرَفُه باجتماع هذه الاعتبارات فيه أو أكثرها كالعلم الإلهي، فإنَّ موضوعه شريفٌ وغايتُهُ فاضلةٌ والحاجة إليه ماسةٌ.

وقد يكون أحدُ العِلْمَيْن أشرف من الآخر باعتبار ثَمَرتِه (٢) أو وثاقة دلائله (٣) أو غايته. ثم إِنَّ شَرَف الثَّمرة أولى من شَرَف قُوةِ الدِّلالة (٤)، فأَشْرَفُ العُلوم ثمرةُ العِلْم بالله وملائكته وكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وما يعينُ عليه، فإِنَّ ثمرته السعادة الأبدية.

الإعلام الثاني: في كون العِلْم ألذّ الأشياء وأنْفَعها.

وفيه: تعليمان:

الأول: في لذّتِه. اعْلَم أَنَّ شَرَفَ الشيء إمّا لذاتِهِ أو لغَيرِه، والعِلْمُ حائز للشرفين جميعًا؛ لأنَّه لذيذ في نَفْسِه فيُطْلَبُ لذاته، ولذيذ لغيره فيُطْلَب لأجلِه. أمّا الأوّل فلا يَخْفَى على أهله أَنَّهُ لا لَذَّة فوقها لأنَّها لذةٌ رُوحانية، وهي اللذة


(١) في م: (ومنها)، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) كتب المؤلف في حاشية نسخته معلقًا: "كعلم الدين وعلم الطب، فإن في ثمرة الأول الحياة الأخروية وثمرة الثاني الحياة الفانية الدنيوية".
(٣) كتب المؤلف في الحاشية معلقًا: "مثل الحساب والنحو فإن الأول أشرف لوثاقة أدلته".
(٤) كتب المؤلف معلقًا: "كالطب والحساب، فإن الأول أولى باعتبار ثمرته، والثاني أشرف باعتبار أدلته.

<<  <  ج: ص:  >  >>