للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأشباه، فإن كان صاحبه رآه كان المناسب أن يُنْقَل. وأما ما في كُتُب الشافعية من التّصريح به فمن قَبِيل سَدِّ الذرائع وصَرْف الطَّبائع إلى علوم الشّرائع.

ولعل المراد من مَنْع الأئمةِ عن تعليم بعض العلوم وتَعَلّمِه تخليص أصحاب العقول القاصرة من تضييع العُمر وتعذيبه (١) بلا فائدة؛ فإِنَّ فِي تَعْليم أمثاله ليس له عائدة، وإلا فالعِلْمُ إن كانَ مَذْمُومًا في نفسه على زَعْمِهم لا يخلو تَحْصيله عن فائدة أقلّها رَدّ القائلين بها.

[الإعلام الرابع: في مراتب العلوم في التعليم.]

ولا يَخْفَى أنَّه يُقَدَّمُ الأهم فالأهم فيه، والوسيلةُ مُقَدَّمةٌ على المَقْصَدِ، كما أنَّ المباحث اللفظية مُقَدَّمةُ على المباحثِ المعنوية؛ لأنّ الألفاظ وسيلةٌ إلى المعاني، ويُقَدَّم الأدبُ على المنطق، ثم هُما على أصول الفقه، ثم هو على الخلاف.

والتحقيق أن يُقَدَّمَ (٢) العِلْمُ على العِلْم لثلاثة أمور:

إما لكونه أهم منه كتقديمِ فَرْض العَيْن على فرض الكفاية، وهو على المَنْدوب إليه، وهو على المباح.

وإما لكونه وسيلةً إليه كما سبق، فيُقَدَّم النَّحو على المنطق.

وإما لكون موضوعِهِ جزءًا من موضوع العِلْم الآخر، والجزء مُقَدَّم على الكُلَّ، فيُقَدَّمُ التّصريف على النحو، ورُبّما يُقَدَّمُ علمٌ على علم لا لشيء منها، بل لغرض التمرين على إدراك المعقولات كما أنَّ طائفةٌ من القدماء قَدَّموا تعليمَ عِلْم الحساب. وكثيرًا ما يُقَدَّمُ الأهونُ فالأهون ولهذا (٣) قَدَّمَ


(١) في م: "وتعذيبهم"، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) في م: "تقدم"، خطأ.
(٣) في م: "ولذا"، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>