للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسألت عنها، فقيل: هذه سعاد كانت تحبّ ابن عمٍّ لها، وإنهما تعاقدا على الوفاء فهلك قبلها، فلم تزل تبكي عليه، فها هي قد لحقت به. فتبعتُهُم، حتى دُفنت إلى جانب القبر الذي بِتُّ عنده، وإذا هو قبر ابن همها، فخبّرتهم بما سمعتُ وانصرفت.

[مالك الغساني وابنة عم النعمان بن بشير]

ورُوي أن مالك بن عمرو الغساني تزوج ابنة عمّ للنعمان بن بشير الأنصاري، فأحب كل واحد منهما صاحبه، وكان شجاعاً بطلاً مقداماً، فعهدَتْ إليه أن لا يباشر حرباً، ثم إنه غدا، فلقي العدوّ، فطُعن، فقال وهو يجود بنفسه:

ألا ليت شعري عن غزالٍ تركتُهُ، ... إذا ما أتتهُ ميتتي كيف يصنع

أيلبس أثواب الحداد تفجّعاً، ... على مالكٍ أم فيه للبعل مَطمَعُ

فلو أنني كنتُ الموخَّر بعده، ... لما برححَت نفسي عليه تقطَّعُ

فلما أتاها خبره استمسك لسانها حولاً، فقال رهطها وعشيرتها: لو زوّجتموها غيره، لعلها تسلى، وتُفيق، فزوّجوها رجلاً من أبناء الملوكِ، فساق إليها هديةً عظيمة القدر، فلما كان ليلة بنائه بها أخذت بعضادتي الباب ثم أنشأت تقول:

يقول رجالٌ: زوَّجوها لعلّها ... تُفيق وترضى بعده بحليلِ

فأضمرتُ في النفس التي ليس بعده ... رجاءٌ لها، والصدق أفضل قيلِ

أبعد ابن عمرٍو سيّد القوم مالكٍ ... أزفّ إلى زوجٍ بعَضبٍ كليلِ

<<  <   >  >>