للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقامت فانصرفت. فقال: قد رأيتما وسمعتما. فانصرفا، وقد يئسا، ثم لقياها يوماً في المقابر وعليها مُصبَّغاتٌ وحلىً وحُللٌ، فقال أحدهما لصاحبه: ما ترى في أي زيّ خرجت، والله ما أراها إلا متعرّضةً للرجال، هلمّ فلننظر ما تصنع. فقربا منها، فأتت القبر فالتزمته، ثم أنشأت تقول:

يا صاحب القبر يا من كان يؤنسي ... وكان يُحسن في الدنيا مؤاتاتي

أزور قبرك في حَلْيٍ وفي حُلَلٍ، ... كأنني لست من أهل المصيبات

أتيتُ ما كنتَ من قُربي تحب، وما ... قد كان يلهيك في ألوان لذّاتي

ومن يراني يرى عَبرى مفجَّعةً، ... طويلة الحُزن في زُوّار أموات

ثم شهقت فماتت.

ومثل هذا وأشباهه من الوفاء قليل في النساء وهو من وفاتهن عجبٌ، والغدر عليهن أغلب، إذ على ذلك طبع خلقهنُ، وعليه جُعلت بنيتهنّ. وسأصف لك جملة من مكرهنّ لتقف به على غدرهن، إن شاء الله، ولا قوة إلا بالله.

<<  <   >  >>